اسباب واهداف حملة الاستدعاءات السعودية: محمد بلوط
ما الذي جعل السعودية تستدعي حلفاءها اللبنانيين تباعا في هذا التوقيت، وما هي خلفيات ومرامي هذه الخطوة؟
ليست الحركة السعودية اليوم هي مجرد رد فعل على مواقف الرئيس ميشال عون الاخيرة في نيويورك وباريس او على لقاء الوزير جبران باسيل لنظيره السوري وليد المعلم بقدر ما هي حلقة اساسية تصعيدية لسياستها في لبنان برزت في التغريدات الاستفزازية والنافرة التي اطلقها الكلف بمتابعة الملف اللبناني الوزير تامر السبهان ضد حزب الله.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة فان جدول استدعاءات الحلفاء اللبنانيين، الذي بدأ بسمير جعجع وسامي الجميل، يشمل عددا من المسؤولين والشخصيات التي تنتمي الى فريق 14 آذار البائد.
اما الغاية والأسباب فلم تنكشف تفاصيلها بعد لدى المراجع السياسية والاوساط المراقبة حتى الآن، لكنها موضع رصد دقيق قبل اكتمال الصورة وحسم التكهنات والاستنتاجات.
وحسب مصادر مطلعة تسربت اليها بعض المعلومات والاجواء فان القيادة السعودية الحالية تحاول ان تنتهج اسلوباً يختلف عن «الاسلوب التقليدي» الذي كان متبعاً في العهود السابقة، لكنها لم تبلور بعد سياستها مع لبنان والاطراف اللبنانية أكان على مستوى حضورها وتأثيرها ام على مستوى طريقة التعامل مع حلفائها.
لذلك فان الخطوة التي بوشر بها بأمر واشراف مباشر من ولي العهد الامير محمد بن سلمان تهدف اولا الى لملمة صفوف حلفائها وأصدقائها المفترضين من اجل التأكيد انه لا يزال لها حضور وتأثير في لبنان يمكن ان يواجه حضور الطرف الاخر المدعوم من ايران، وانها لم تترك الساحة اللبنانية للمعسكر الاخر.
ووفقا لمعلومات المصادر ايضا فان السعودية اصيبت بخيبة أمل تدريجية من الرئيس عون منذ انتخابه، بعد ان كانت تعوّل على تعديل موقفه التحالفي الصلب مع حزب الله. لا بل انها لا تخفي انزعاجها وخيبة أملها ايضا من عدم تمكن الرئيس سعد الحريري وباقي الحلفاء من تحقيق مثل هذا التغيير النسبي في توجهات وسياسة رئيس الجمهورية.
وترى المصادر ان ابلغ تعبير عن هذا الانزعاج السعودي من الرئيس عون هو استثناء جدول مواعيد الوزير سبهان في زيارته الاخيرة للبنان رئيسي الجمهورية ومجلس النواب.
وتضيف هذه المصادر ان التصعيد السعودي عبر تغريدات السبهان بقي زوبعة في فنجان الساحة اللبنانية، الأمر الذي يفسر رغبة القيادة السعودية في استحضار حلفائها اللبناني ومحاولة تجميع صفوفهم من اجل توفير ارضية لتدخلات جديدة تأمل في ان تعزز من خلالها حضورها وتأثيرها في لبنان.
ومع بداية مرحلة الاستدعاءات السعودية طرحت تساؤلات وتكهنات عديدة حول الاهداف المحددة من هذه الخطوة التي لم تستكمل بعد والتي يبدو انها تواجه عثرات وصعوبات عديدة.
ويقول مرجع سياسي بارز انه من السابق لأوانه الحديث في الاستنتاجات النهائىة لما تقوم بها القيادة السعودية، فإذا كان القصد تجميع الحلفاء وتشكيل تحالف انتخابي تمهيدا للانتخابات النيابية، فإن مثل هذا التحالف المنشود دونه عقبات عديدة عدا انه يزول فور انجاز الانتخابات وفقا للتجربة اللبنانية.
ومن بين الصعوبات الكبيرة التي تحول دون تشكيل تحالف انتخابي من هذه الاطراف ان الحريري الذي ارسى علاقة تعاون جيدة مع رئىس الجمهورية والتيار الوطني الحر لا يريد ولا يرغب في التفريط بهذه العلاقة التي تعتبر احدى الاسس المهمة لترؤسه الحكومة وبقائه في هذا الموقع. هذا عدا ان الرئىس عون يحرص بدوره على استمرار العلاقة الطيبة معه.
يضاف الى ذلك ان «القوات اللبنانية»، التي برزت خلافات وتباينات بينها وبين التيار مؤخرا، لا ترغب ايضا في فك الارتباط كليا مع الوطني الحر وهي تسعى الى المزاوجة والموازنة بين هذه الخلافات ووثيقة التفاهم المبرمة معه.
ومما لا شك فيه ايضا ان التصدعات القوية والخلافات الحادة بين الحريري وبعض القيادات واصحاب النفوذ في الشارع السني مثل اللواء اشرف ريفي تحول دون تحقيق تحالف انتخابي سني واحد تحت عباءة رئيس الحكومة.
اما اذا كان القصد احياء فريق 14 آذار فإن هذا الامر يكاد يكون مستحيلا لأسباب تتعلق بأطراف هذا الفريق الذين باتوا اليوم يعملون على محاور وجبهات مختلفة انطلاقا من مصالح بعض هذه الاطراف، ورغبة البعض الاخر في الابقاء على المعادلة السياسية التي سبقت ورافقت انتخاب الرئىس عون، والتي ليس بالمستطاع ان يخرجوا منها.
وترى المصادر ان علاقة السعودية مع بعض حلفائها وفي مقدمهم الحريري ليست مقروءة بكل تفاصيلها، وان خطوة الرياض للملمة شمل حلفائها واصدقائها هي «دعسة ناقصة» لا سيما ان عليها ان تدرك مخاطر خلط و«خربطة» الوضع اللبناني واعادة لغة الانقسامات الحادّة على الساحة اللبنانية.
(الديار)