خفة الدستور الأمريكي: يوسي ميلمان
بقدر ما يمكن أن نراجع في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، فإن ما حصل في لاس فيغاس هو الهجوم الإرهابي أو العنف الأشد منذ عمليات 11 أيلول 2001 .
لا شك أن الحديث يدور عن حادث إرهابي، ولكن كيف نشخصه؟ هل هو إرهاب ديني؟ وإذا كان كذلك، فباسم أي دين؟ إرهاب سياسي؟ من أي فكر جاء؟ عملية خيبة أمل شخصية؟ عملية محاكاة وإلهام؟ وإذا كان كذلك فمِمَّن؟ من التلفزيون؟
لقد تبنى تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عن العملية وادّعى أن المنفذ سيتفان بادوك أسلم قبل بضعة أشهر.
صحيح أن داعش هدد في الماضي بتنفيذ عملية إرهابية في لاس فيغاس ـ المدينة التي يصب فيها «الفساد» الغربي كله ـ القمار، السفاح، الطمع والخلاعة. صحيح أن هناك وجه شبه مع عمليات سابقة في عروض المغنين والفرق الفنية ـ في نادي «باتكلان» في باريس وفي القاعة في مانشستر في بريطانيا، ولكن هذا ليس اختراع داعش، فالقاعدة بقيادة أسامة بن لادن ومنظمات إرهابية باكستانية إسلامية قامت بهجمات إرهابية على مواقع الترفيه ـ المراقص والفنادق في إندونيسيا والهند ـ قبل أكثر من عقد.
داعش، الذي يوجد في حالة انهيار في سورية والعراق، ويخطط لعمليات في الغرب، كان يرغب في أن يخلق الانطباع بأن المنفذ في لاس فيغاس أيضا عمل بإلهام منه. ولكن بعد أن أعلنت الـ أف.بي.آي بانه لم يكن لبادوك اية صلة بالاسلام، واضح أن داعش يحاول فقط أن يعزو لنفسه العملية، مثلما فعل في الماضي.
واضح أن دوافع بادوك هي في مجال النفس، السياسة أو كليهما. فالحديث يدور عن تخطيط دقيق. حيث أقام في الفندق منذ يوم الخميس ونصب في الرواق المؤدي إلى غرفته كاميرات لمنع تشويش خططه. وكانت في غرفته عشر قطع سلاح أوتوماتيكية وقد عمل بخبرة مجمدة للدم. مهما يكن من أمر، ومهما كانت دوافعه فإن السهولة التي لا تطاق التي يمكن بها شراء السلاح في الولايات المتحدة تعطي ريح إسناد للعنف الإجرامي الذي لا هوادة فيه في المجتمع.
هذا العنف سيستمر. كما أنه لا يهم إذا ما تشددت وسائل أمن المواقع السياحية ـ الأمر الذي لن يحصل ـ وذلك لأن احتمال تقييد شراء السلاح ضعيف.
يدور الحديث عن فكر وعن سياسة. فالحق في السلاح ليس منصوصا عليه في الدستور الأمريكي فقط، بل مغروس عميقا في ثقافتها وتاريخها.
معاريف