المحرر اهود باراك… يمين اليمين: جدعون ليفي
كان يجب أن يكون اهود باراك أمس ضيف الشرف في مؤتمر المستوطنين للاحتفال بالذكرى الخمسين على «تحرير» المناطق. إنه يستحق هذا الاحتفال وهذا الاحتفال جدير به؛ والمستوطنون جديرون به وهو جدير بهم. يجب أن يكون العزيز عليهم. مقاله «احتفال سياسي رخيص» («هآرتس»، 27/9) هدف إلى إزالة هذا الظلم. باراك المتواضع احتج فقط من أجل رفع الإساءة عن الآخرين، الآباء المؤسسون لمشروع الاستيطان ـ أعضاء حزبه وضباط الاحتلال الأوائل، حتى أنه طلب ضم عدد منهم ومن أبنائهم وأحفادهم إلى احتفال المهانة هذا، المهمون جدا حسب رأيه. وفي الحقيقة كان يستهدف نفسه وبحق .
إن من مكّن من بناء 4958 وحدة سكنية في المستوطنات في سنة سلامه الكبير، التي تولى فيها رئاسة الحكومة وأعلن عن عدم وجود شريك، يستحق احتراما ملكيا كهذا من المستوطنين. مقاله أمس سيرفع هذا الظلم، الآن عرفنا أنه هو أيضا مثل عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، يرى في الذكرى الخمسين الكارثية عيد لإسرائيل. حتى أن باراك لا يخجل من استخدام لغة المستوطنين المسيحانيين. «تحرير أجزاء من البلاد»، «عودتنا إلى مناطق أرض إسرائيل»، وحتى شيء لا يصدق «نحن فخورون بعودتنا إلى أجزاء البلاد كلها، وبمشروع الاستيطان الحيوي لأمننا».
باراك لا يفوت أية كذبة لليمين: «المستوطنات التي تتسبب بسفك أكثر للدماء، إسرائيلية وفلسطينية، أكثر من أي شيء آخر، تسهم في الأمن. لقد اعتقدنا أننا فطمنا على الأقل عن هذه الكذبة، حتى أن عددا من المستوطنين أصبحوا يخجلون منها، وبقوا مع الحقيقة: كولونيالية بقناع ديني مسيحاني. إذا استقبلوا رجل السلام الذي يتحدث عن تحرير مناطق أجنبية، والسيد أمن الذي يتحدث عن المستوطنات كأمن.
باراك تفاخر دائما بعدد المستوطنات التي قام ببنائها، وهذا أمر كبير للتفاخر به ـ ليس أقل من تفاخر السارق بعدد البنوك التي سرقها، أو تفاخر مغتصب بعدد النساء اللواتي قام باغتصابهن ـ العدد السنوي للوحدات السكنية التي يمكن أن يحلم به بنيامين نتنياهو. ومع ذلك مقاله مدهش، لا توجد كلمات أخرى لوصفها. هذا هو رمز حزب العمل اليساري، المعارض الوحيد لنتنياهو تقريبا. ومن المشكوك فيه إذا كان نتنياهو سيقوم بوضع صيغة أخرى. العاد بيلد «حرر السامرة كلها»، هل فهمتم ذلك. سكان الضفة، نحو مليوني فلسطيني، يشكرون الجنرال بيلد، وأيضا باراك الذي رسخ تحريرهم إلى الأبد. فماذا كان سيفعلون من دونه، لا يوجد أي يوم لا يؤدون فيه التحية لمن حررهم. ولا توجد أية ساعة أو حاجز أو اختطاف ليلي لا يرفعون فيها عيونهم لـ دي كلارك الإسرائيلي هذا، الذي بفضله وصلوا إلى ما وصلوا إليه. في يتسهار وايتمار ايضا يشكرون باراك.
باراك يحتج على أن الاحتفال قد قسم الشعب. الاحتفال لم يقسم الشعب، ومقاله يبرهن على ذلك. فالشعب مع غوش عصيون، كلهم غوش عصيون، بمن فيهم يئير لبيد وحزب العمل المتلعثم. هذا نتيجة غسل الدماغ الذي يعتبر باراك مسؤولا عنه أيضا. باستثناء عدد من اليساريين الهاذين لا يوجد من يعارض «الكتل» وخطة ألون، التي لم يخجل باراك من ذكرها كحلول.
إذا كانت رئيسة محكمة العدل العليا مريام ناؤور قد أبعدت المحكمة عن الاحتفال أمس لأنه مدار خلاف، فهذا ذنبها. أيتها الرئيسة، توجهي للشعب واسأليه، لا يوجد هناك أي خلاف. في وسائل الإعلام قاموا بتسمية هار أدار «بلدة» وليس مستوطنة. ووزير الأمن الداخلي قال إن هذه «جبهة إسرائيل الداخلية». الخط الأخضر مات، لا جدال حول ذلك. لقد كان من المحظور أن تكون ناؤور أمس في غوش عصيون، لكن كان يجب عليها أن تتحلى بالشجاعة لقول الحقيقة: القضاة لا يشاركون في احتفالات يتم اجراؤها في أحياء الإجرام. لم تطأ أقدامهم الأرض المسروقة. القضاة لا يحتفلون بالاحتلال الذي يعارض القانون الدولي.
لو أن ناؤور قرأت أقوال باراك أمس لكانت عرفت إلى أية درجة لا يوجد أي خلاف. في أفعاله وفي لامبالاته، الجميع يؤيدون المستوطنات، بفضل باراك وزملائه المحررين والأمنيين.
هآرتس