إقليم كردستان العراق: سيناريو أسوأ من جنوب السودان: حميدي العبدالله
سهل جداً الانفصال عن العراق، ولكن الأمر الأصعب هو إقامة دولة مستقرّة ومزدهرة. ربّ قائل إنّ العراق من أقصاه إلى أقصاه غير مستقرّ وغير مزدهر، ولكن ازدهار إقليم كردستان الحالي، حيث بات البعض يشبهه بهونغ كونغ، أو يشبه أربيل بدبي في الإمارات العربية، سيكون الضحية المباشرة لقرار استقلال إقليم كردستان عن العراق، فهذا الازدهار نابع من العلاقة الإيجابية القائمة بين بغداد وأربيل، وتبادل المنافع بين المنطقتين. عندما تقرّر بغداد إنهاء التعاون، وتحذو حذوها الدول المجاورة فإنّ عالم الأعمال سوف يتضرّر، وتفقد أربيل ازدهارها الحالي .
في الواقع أنّ ما ينتظر إقليم كردستان في حال الاستقلال عن العراق ليس فقط نشوب حروب بين العراقيين من أصول عربية وتركمانية وآشورية تنتشر في محافظتي نينوى وكركوك، وليس فقط خسارة الإقليم لازدهاره الحالي، وحصار إقليمي محكم، لا سيما إذا التزمت تركيا وتخلت عن الصفقات المعقودة حالياً مع قيادة الإقليم. ما ينتظر إقليم كردستان صراعات داخلية تشبه تلك الصراعات التي دارت ولا تزال مستمرّة داخل دولة جنوب السودان. من المعروف أنّ الصراعات الحزبية والقبلية في دولة جنوب السودان كانت أقلّ حدة، أو على الأقلّ بمستوى الصراعات التي نشبت بين المكونات الحزبية والقبلية في إقليم كردستان، إذ من المعروف أنّ هناك صراعاً على النفوذ حزبي وقبلي بين حزبي مسعود البرزاني وجلال الطالباني، وهناك أيضاً صراع سياسي حزبي بين حركة التغيير والحركة الإسلامية والحزبين الرئيسيين، أيّ حزبا البرزاني والطالباني. هذه الانقسامات المستعرة حتى قبل الانفصال، سوف تتصاعد بعد الانفصال، وهي أقوى مما كانت عليه الصراعات بين المكونات الحزبية والقبلية في جنوب السودان.
جنوب السودان كان يحظى باعتراف إقليمي ودولي. شمال السودان اعترفت بدولة جنوب السودان، وتمّ حلّ الخلاف بين الجانبين حول المناطق المتنازع عليها، لم يحدث شيء مماثل بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان. وهذا يجعل الوضع في إقليم كردستان من هذه الناحية أكثر سوءاً.
دول جوار حكومة جنوب السودان اعترفت بها ولم تقدم أيّ دولة على محاصرتها، في حين أنّ جميع دول جوار دولة كردستان لن تعترف بها، والأرجح أنّ جميع دول الجوار سوف تحاصرها، ومن هذه الناحية سيكون وضع إقليم كردستان أسوأ من الوضع الحالي في جنوب السودان.
دولة جنوب السودان معترف بها من الأمم المتحدة ومن العالم وهي عضو في الأمم المتحدة، في حين أنّ «دولة كردستان» لن يعترف بها أحد ربما باستثناء تل أبيب، ولن تحصل على مقعد في الأمم المتحدة.
كلّ ذلك يرشح «دولة كردستان» لمصير أسوأ مما تعانيه حالياً دولة جنوب السودان.
(البناء)