تقرير لجنة الخارجية والأمن.. الجيش ليس مستعدا إذا اندلعت حرب غدا: اليكس فيشمان
يبدو أن التقرير العلني الذي نشرته أمس لجنة الخارجية والامن، والتي قامت بعمل جدير بكل ثناء وغير مسبوق في شموله، عن مفهوم الامن وبناء القوة العسكرية للجيش الاسرائيلي، ظلم التقرير السري. فيه الكثير من التلميحات التي فريق غير كبير ممن يعرفون التفاصيل الدقيقة في الجيش الاسرائيلي وحدهم يمكنها أن تفهم ما المقصود منها .
ولكن التقرير العلني موجه للمواطن البسيط، الذي يريد أن يحصل على جواب بسيط للسؤال: هل الجيش الاسرائيلي مستعد للحرب صباح غد. الجواب الواضح يوجد على ما يبدو في التقرير السري والمفصل، بينما التقرير العلني غامض ومعقد. وبعد قراءته الجواب هو: منوط اي حرب تمسك بتلابيبنا.
يمكن ان يفهم من التقرير بان خطة العمل متعددة السنين “جدعون” التي يفترض بها أن تعد الجيش للحرب القادمة، هي قبل كل شيء اعتراف من الجيش الاسرائيلي بحقيقة أنه حتى “الجرف الصامد” بنى الجيش نفسه للحرب غير الصحيحة وعليه أن يستعد على نحو مغاير. وعليه، فعلى مدى التقرير العلني يحظى رئيس الاركان بالثناء على مجرد الاعتراف بحقيقة أنه يجب التغيير ويجب تحديد استراتيجية للجيش ولبناء خطة تتناسب والتهديدات التي يتوقع الجيش أن يضطر الى مواجهتها.
ان القرارات التي اتخذها رئيس الاركان حتى الان، حسب التقرير، صحيحة في أساسها. غير أنه يتبين أن الجيش يلعب الشطرنج مع نفسه. هو الذي يقرر ما هي الاحتياجات الامنية، ما هي التهديدات، وكيف يستعد لها. اما القيادة السياسية فلا تشارك في ذلك. في افضل الاحوال، تختم على ما هو قائم. غير أنه حين يحل يوم الاختبار، كما حصل في كل المواجهات الاخيرة، تتخذ القيادة السياسية قرارات استراتيجية تختلف عن تلك التي بنى الجيش نفسه لمواجهتها.
في حرب لبنان الثانية، مثلا، لم يكن الجيش الاسرائيلي مستعدا كما ينبغي للمواجهة الطويلة التي فرضتها عليه القيادة السياسية. كما أن الجيش لم يبنَ على نحو صحيح لتهديد “الجرف الصامد”، وبالتأكيد ليس للجداول الزمنية التي فرضت عليه. من يتعهد بان ما يفعله اليوم آيزنكوت سينجح في اختبار الاحتياجات والمتطلبات من القيادة السياسية في المواجهة التالية؟
لقد بدأت خطة “جدعون” تبنى قبل الهزة الكبرى التي وقعت في المنطقة في العقد الاخير: فالروس دخلوا مع قوة عسكرية الى سوريا وهم يعتزمون البقاء هناك على مدى الزمن. وكنتيجة لذلك ينتصر الاسد في الحرب والايرانيون يتثبتون في سوريا. عندما انطلقت “جدعون” على الدرب وتحدثت عن بناء قوات سحق مناورة، كانت النية تتجه للساحة اللبنانية. وقد بنيت الخطة وفقا لسيناريو ساحة مركزية واحدة وساحة فرعية، فلسطينية. اما اليوم فقد تنشأ جبهة هامة اخرى – في سوريا – قد تلزم الجيش الاسرائيلي بالعمل بكل قوته في عدة جبهات بالتوازي. فهل تستجيب “جدعون” لهذا السيناريو؟ يطرح التقرير هذا السؤال، والجواب يوجد على ما يبدو في قسمه السري. هل وصل الجيش الاسرائيلي الى كتلة حرجة في الوسائل القتالية الاساس للحسم؟ التقرير العلني يلمح: يبدو أن لا.
يحتمل وضع ينعقد فيه الكابنت ويقرر استراتيجية ما. مثلا، التهديد المركزي هو طهران والنووي. في مثل هذا الوضع يمكن أخذ خطة “جدعون”، اخراج اجزاء منتقاة منها، والباقي صناعة تيارات ورق منه. تقول اللجنة انه صحيح حتى اليوم ليس الكابنت هو من يوجه الجيش الاسرائيلي بل العكس. من يملي سيناريو الموقف والجواب هو الجيش. كما أن للجنة انتقادا على سيناريو موقف الجيش الاسرائيلي الذي هو غير واقعي برأيها: “يجب حساب المخططات العملياتية ضمن الوضع الحقيقي والفحص الواقعي للقدرات”.
كما أن اعضاء اللجنة ليسوا واثقين من أنه رغم تميز الجيش في خطة “جدعون” فان الجيش مستعد للحرب على نطاق واسع. في لغز التقرير العلني تظهر جملة تخفي وراءها الكثير جدا من الصفحات في التقرير السري: “ان التسلح وبناء القوة يتمان بالوتيرة التي تفترضها الامكانيات ولا يستجيبان دوما للثغرات التي انكشفت للجنة في عملها في مجالات عديدة: يوجد عدد من المجالات الحرجة التي تتطلب توافقات في وتيرة بناء القوة، حتى على حساب قدرات اخرى…”. هذه الجملة تلمح بالصعوبة التي لا تسمح بالقول بيقين ان الجيش الاسرائيلي مستعد صباح غد للحرب كما ينبغي.
يديعوت