المهمة الاخيرة: نداف ايال
لا يوجد أي شيء احتفالي أو باعث على التأثر في الإنجاز التاريخي لإنجيلا ميركل أمس. نعم، ستحطم الرقم القياسي لهيلموت كول الذي تولى منصب المستشار على مدى 16 سنة. ولكن هذا الإنجاز محدود ومصاب بالوصمة بسبب النتاج نفسها: فقد حصل حزبها على نتيجة سيئة بالنسبة للاستطلاعات. وتحطم شريكها وحزب المعارضة الرئيس تماما مع 20 من مئة فيما اندفع اليمين المتطرف بعصف نحو البوندستاغ لأول مرة منذ الحرب العالمية الأولى. أما الاشتراكيون الديمقراطيون، المصدومون والمرضوضون، فقد أعلنوا أن الائتلاف معهم سيكون متعذرا؛ فهم يفهمون جيدا أنهم يحتاجون إلى زمن للاستشفاء كمعارضة مقاتلة. فلعل هذا ينقذهم .
بالنسبة لميركل فإن هذا إعراب شخصي عن الثقة، ولا سيما حيال الاشتراكيين الديمقراطيين ـ الذين في مرحلة معينة أعطوا انطباعا بمعركة حقيقية. المستشارة هي رمز الاستقرار السياسي والقيمي، ليس فقط في اوروبا بل في العالم أيضا، وليس مصادفة أنها توجت «زعيمة العالم الحر» في الصحافة الأمريكية. ولكن هذا الإعراب عن الثقة لا يكفي، إذ أن ألمانيا هي ديمقراطية ائتلافية، مثل إسرائيل. وفي العالم الائتلافي تعرض الاعتدال الألماني لضربة شديدة. «البديل لألمانيا» هو حزب يكره الأجانب، يلعب بشكل دائم بالتعابير العنصرية. ومطلبه تقييد الهجرة ليس عنصريا، والمشاعر التي يحس بها العديد من الألمان ضد مليون إنسان وصلوا إلى بلادهم ليست استثنائية. ولكن الحزب يستخدم العناصر المحافظة المشروعة كي يوصم بالعار عمليا كل وجود مدني ليس أبيض في ألمانيا. وصف «البديل لألمانيا» كحزب شقيق في «الفجر المذهب» في اليونان أو «الجبهة الوطنية» في فرنسا هو مبالغة فظة؛ ولكنه بالتأكيد موازٍ لحزب «يوكيب» البريطاني، الحزب الذي يكره الاتحاد الأوروبي ويكره الأجانب، بلا مزايا عنصرية مرتبة حقا. شعبوية فارغة وطاهرة، أجندة وحيدة، وليس فكر الكراهية. وفي ضوء التاريخ الألماني، فإن هذه المواساة مجرد مواساة. فالألمان يعرفون جيدا أن موجة الهجرة إليهم آخذة في الضعف عمليا. ولكن الغضب في الشارع على الحكومة وعلى السلامة السياسية يتعاظم. هذا لا يجري في كل أرجاء المجتمع الألماني، بل بالأساس في شرق الدولة، ولكن هذه ظاهرة ذات مغزى. «البديل لألمانيا» مثلا، يتطلع لأن يغير «فكرة الذنب» الألمانية عن الحرب العالمية الثانية ومنع تحويل ميزانيات «زائدة» للتعليم الذي يشرح جرائم النازيين.
إن تحدي ميركل الآن هائل، وأكبر من كل ولاية أخرى لها. هذه النتائج تلمح بولاية أخيرة لها، والآن ملقى على عاتقها مهمة تاريخية: تحطيم اليمين المتطرف بينا هو لا يزال صغيرا نسبيا وقابلا للمعالجة. فألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالتسلي بكراهية الأجانب، وميركل تفهم هذا جيدا. لقد فقد حزبها نحو ربع أصواته منذ 2013 وحقق النتيجة الأسوأ وفقا للعينات أمس، منذ الخمسينيات. والحكومة الألمانية تعد مثلا بطرد طالبي اللجوء ممن رفضت طلباتهم للحصول على مكانة لاجئ. لم تكن ألمانيا وهي ليست معنية بأن تصبح دولة هجرة وميركل، محافظة فخورة سيتعين عليها أن تثبت بأنها تحمي النظام الاجتماعي الذي يريده الألمان. إذا لم تفعل ذلك، فسيعرف اليمين المتطرف كيف يستغل الثغرات.
يديعوت