السلام أولا وإيران ثانيا!: باراك ربيد
قبل ثلاث دقائق من بداية اللقاء بين رئيس الولايات المتحدة ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلي نتنياهو، استخدم ترامب سلاحه الاقوى ـ حسابه في التويتر ـ من أجل أن يوضح ما هو الموضوع الاكثر اهمية بالنسبة له في المقابلة مع نتنياهو. «السلام في الشرق الاوسط سيكون إرثا عظيما لكل الناس»، غرد الرئيس .
إذا فات نتنياهو تغريدة ترامب فإن الرئيس كرر رسالته بصورة أوضح أمام العدسات في بداية اللقاء. كان من الصعب الا نلاحظ عدم رضى نتنياهو من هذه الاقوال. رئيس الحكومة ورجاله وظفوا في الاسابيع الاخيرة كل الجهود امام اجهزة الاعلام والرأي العام في تأطير هذا اللقاء بحيث يظهر وكأنه سيركز على التهديد الإيراني. لسوء حظهم كان لترامب مخططات اخرى. الذي حدث في بداية اللقاء بين ترامب ونتنياهو اثار الشعور بعدم الارتياح. تقريبا في كل مقابلة خلال الثماني سنوات من ولاية براك اوباما فقد جاء رئيس الحكومة وتحدث عن إيران، في حين ان الرئيس الأمريكي تحدث عن الفلسطينيين. هذه اللازمة تكررت أيضا امس. بعد أن تحدث الرئيس عن رغبته في اتفاق سلام حاول نتنياهو التقليل من الاخطاء وقال بعض الكلمات حول أن ترامب نفسه قال ان الاتفاق النووي مع إيران هو فظيع. ولكن هذا كان متأخرا جدا.
ترامب ليس اوباما. أبعد من ذلك. هو لا ينتقد بصورة علنية نتنياهو، هو يتخذ سياسات لينة أكثر فيما يتعلق بالبناء في المستوطنات ويعمل كل شيء بابتسامات واحتضانات. ولكن مرة اخرى اتضح أنه بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة ـ كل رئيس ايضا دونالد ترامب ـ فان اللقاءات مع رئيس حكومة إسرائيل هي قبل كل شيء حول الموضوع الفلسطيني. في نهاية الامر ترامب يريد من رئيس الحكومة بالضبط ما اراده الرؤساء الأمريكيين من نظرائهم الإسرائيليين منذ احتلال الضفة الغربية وشرق القدس في 1967.
أقوال ترامب أيضا تناقضت مع الرسالة التي اطلقها البيت الابيض بصورة عنيفة في وسائل الاعلام الأمريكية والإسرائيلية في الايام الاخيرة. مستشارو الرئيس عملوا كل ما في وسعهم للتخفيض من التوقعات بكل ما يتوقع للانشغال في مسيرة السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية خلال اجتماع الجمعية العام للامم المتحدة. في البيت الابيض أكدوا، وربما بطلب من نتنياهو ومستشاريه بان عملية السلام لن تكون هي الموضوع المركزي في اللقاء بين ترامب ونتنياهو. هذه الرسائل انهارت امام التصريحات الحماسية للرئيس الأمريكي بشأن توقه لتحقيق اتفاق سلام إسرائيلي ـ فلسطيني.
هنالك فجوة كبيرة بين التصريحات المتفائلة لترامب وبين الواقع على الارض في الضفة الغربية وأزمة الثقة العميقة بين إسرائيل والفلسطينيين. مع ذلك هو يحاول خلق واقع أو على الاقل تغييره بواسطة التصريحات. في حياته كرجل اعمال هذا نجح معه أكثر من مرة. في زيارته لإسرائيل في شهر ايار اخرج الرئيس كلمة «سلام» من القبر وارجعها إلى الخطاب. بالرغم من الشكوك في مكتب رئيس الحكومة في القدس وفي المقاطعة في رام الله يبدو انه هذا صحيح حتى الان أن ترامب مصمم على مواصلة هذا الاتجاه. الرئيس يريد تجديد محادثات السلام ويتوقع من الجانبين تقديم حسن نوايا وتنازلات.
اللقاء بين نتنياهو وترامب أمس كان قصيرا نسبيا واستمر اكثر بقليل من ساعة. اقل من اي لقاء أجراه نتنياهو مع الرئيس اوباما. الحديث بين الرئيس ورئيس الحكومة لم يقتصر فقط على الموضوع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. ايضا تحدث بضع دقائق عن المسألة الإيرانية والوضع في سوريا. ولكن في هذين الموضوعين الحاسمين والمهمان جدا لنتنياهو ليس من الواضح تماما اين يقف البيت الابيض وماذا هو مستعد للقيام به من أجل اعطاء اجابة على القلق الحقيقي لإسرائيل من الاتفاق النووي ومن الوضع في سوريا في اليوم الذي يعقب الحرب الاهلية.
هآرتس