مقالات مختارة

فيلم مكرر في القاهرة: اليكس فيشمان

 

القسم الاكثر تشويقا في «الانعطافة الاستراتيجية» لحماس، الجارية هذه الايام، يتركز على لعبة الماريونت (الدمية التي تحرك بالخيطان): الخفة الناعمة التي يحرك بها رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة، الجنرال خالد فوزي، دمى الخشب الفلسطينية. بيده اليمنى يتسلى بالمكتب السياسي لحماس، وبيده اليسرى يحرك خيطان وفد السلطة الفلسطينية الذي وصل إلى القاهرة هذا الاسبوع .

الجنرال ليس وحيدا. كل الدائرة التي تعنى بالملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية تنكب حول الماريونتات الفلسطينية، تعزلها عن مراكز القوى الاخرى في العالم العربي، على ألا تعرقل المايسترو فوزي من ادارة مسرح الدمى كما تراه عيناه.

في الاسبوع الماضي أثار المايسترو انفعال الشرق الاوسط بعد أن أنضج اعلان رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنية، عن حل «اللجنة الوزارية» التي أقامتها حماس للادارة المدنية لقطاع غزة. ظاهرا، تنازل حماس استثنائي، إذ أن هذه اللجنة كانت سكينا غرست في ظهر أبو مازن الذي يتحمل، رسميا، المسؤولية عن ادارة الشؤون المدنية للقطاع من خلال «حكومة الوفاق»، المشتركة بين الطرفين.

ضجت العناوين في الصحف. وعُرضت حماس كمن تراجعت ودعت إلى مصالحة فلسطينية داخلية حتى قبل أن يزيل أبو مازن ولو عقاب اقتصادي واحد عن القطاع. وبالتوازي، أملى المصريون على أبو مازن ارسال وفد إلى القاهرة كي يشرع في مفاوضات لاستئناف مسيرة المصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية.

فيلم مصري. إذ رغم تنازل حماس عن اللجنة الوزارية، فهي التي ستواصل ادارة القطاع. كما أن التنازل عن حكومة الظلال كان حلا بعث به فوزي كي يجلب وفد السلطة الفلسطينية إلى القاهرة. مشكوك أن تكون حماس نفسها تأخذ اعلانه على محمل الجد.

في ضوء بادرة حماس، ما كان يمكن لأبو مازن أن يرفض طلب المصريين واضطر إلى أن يرسل وفدا إلى القاهرة كي يفحص إذا كان هناك أساس لمحادثات مصالحة. والآن، لتصعيد الدراما ولاضفاء جدية على الخطوة، ينتظر الجميع مندوب حماس الكبير من لبنان، صلاح العاروري، ووزير الخارجية الجديد لحماس، أبو مرزوق، ليصلا إلى القاهرة للمشاركة في المحادثات.

حقا فيلم متكرر: هكذا بدت محادثات المصالحة بين حماس والسلطة في 2011 و2014. في حينه ايضا انطلقت تصريحات وكتبت اتفاقات مصوغة على افضل ما يكون. في حينه ايضا، مثلما هو اليوم، لم ترغب حماس في المصالحة بشروط السلطة الفلسطينية، وبالعكس. هدفها عملي: العودة لتلقي المساعدة الاقتصادية من السلطة الفلسطينية.

في هذه الاثناء فانه حتى المساعدة المصرية للقطاع متعثرة. وبخلاف الالتزامات السابقة، لا تفتح مصر معبر رفح لأنها لا تصدق أن حماس ستوقف علاقاتها مع داعش في سيناء. يتبين أن في داعش سيناء يوجد اليوم المزيد من الاجانب، بمن فيهم فلسطينيون من القطاع. ويطالب المصريون حماس، ليس فقط بالاغلاق التام للانفاق إلى سيناء، بل وايضا التعاون الحقيقي في تسليم نشطاء داعش الذين خرجوا من القطاع.

المصريون يفتحون ويغلقون أنبوب الوقود بناء على مصالحهم. وفي الاسبوع الماضي قتل في سيناء 16 شرطيا مصريا، وأغلق عبور الوقود لثلاثة ايام. في هذا الوقت فان الوقود من إسرائيل ـ بتمويل السلطة ـ هو اكسير الحياة لغزة.

ستكون تنازلات حماس، بضغط مصر، السلم الذي يسمح لأبو مازن بالنزول عن شجرة العقوبات والبدء باعادة ضخ المال إلى القطاع. أما إسرائيل من جهتها فيجب أن تشجع مسيرة المصالحة لأنه إذا ما تحسن الوضع الاقتصادي في غزة في أعقابها ـ فان حدة تقديرات الوضع عن امكانية استئناف المواجهة العسكرية ستخف.

في هذه الاثناء، بادارة الجنرال فوزي، لا بد ستطل منشورات عن نشر قوات السلطة الفلسطينية في المعابر في القطاع، إلى جانب أنباء عن تشكيل لجان مشتركة لحماس والسلطة الفلسطينية.

غير أن وفد السلطة لم يلتق بعد وفد حماس، لا توجد توافقات على الانتخابات ـ كما تطلب حماس ـ للبرلمان وللرئاسة، وبالاساس: أبو مازن لا يتحمس لامكانية أن يكون محمد دحلان هو اللاعب الاساسي في غزة برعاية مصرية.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى