الحسم يساوي الردع في المعركة مع حزب الله بقلم: أمير أورن
هذه ليست لعبة كلمات، لكنها صفحة في عقيدة الالعاب. عندما يعلن الجيش الاسرائيلي لحزب الله أن مناورة الفيلق التي اجريت في الاسابيع الاخيرة ليست مجرد مناورة اخرى كهدف للحرب القادمة في لبنان، والآن الهدف هو الحسم، فانه يلوح بتهديد الحسم بالضبط من اجل الردع .
هدف المناورة في كل الجيوش هو مراجعة المادة النظرية وفحص ملاءمتها للواقع، مقابلة التخطيط مع الواقع، التعارف بين المستويات المختلفة داخل القوات البرية وبينها وبين الاجهزة الاخرى.
في مستوى المعرفة والوعي الموجه الى الطرف الآخر، الذي يوجد في المسافة بين الدعاية والشرح وبين الاخفاء، توجد كتطلع معادلة “الحسم يساوي الردع″، كما يبدو، مفهومين مختلفين وحتى متناقضين، لكن في الواقع اذا استطاع الجيش الاسرائيلي اقناع اعداءه بأن هزيمتهم مؤكدة اذا تجرأوا على التعرض لنا، وبهذا يثنيهم عن الهجوم – فانه يقوم بالردع.
الحسم ليس كلمة مرادفة للانتصار، هي نوع معين من الانتصار بالضربة القاضية وليس بالنقاط. المقابل لها هو الهزيمة، سقوط أبدي، ليس مجرد خسارة. عكسها الاستنزاف، ضعف القوة، نزف بطيء للدماء على صيغة الحرب الاهلية الامريكية في معظم مراحلها، الجبهة الغربية باستحكاماتها ومتاريسها في الحرب العالمية الاولى.
لاسباب عسكرية (الاعتماد على تجنيد الاحتياط) واقتصادية واجتماعية تعتبر دولة اسرائيل منذ بدايتها قادرة على الصمود فقط في الحروب القصيرة، نهايتها السريعة هي هزيمة العدو والعودة الى الحياة الروتينية. مع مرور الوقت تبين أن هذا التقدير، الذي كان مقبولا على الحكومات وهيئة الاركان العامة على مر الاجيال، يقلل من قدرة تأقلم الجمهور الاسرائيلي. الاستنزاف اصبح حقيقة مستمرة – الى درجة أننا توقفنا عن ملاحظته. إنه ببساطة هناك في الخلفية.
النموذج الواضح والمحبب لعملية الحسم هو عملية “كديش” في العام 1956، التي كانت نتيجتها، اذا لم تكن هدفها ايضا، الحصول على عشر سنوات من الهدوء في الحدود الجنوبية. الجيش الاسرائيلي احتل سيناء في اربعة ايام، وانسحب منها خلال اربعة اشهر، وتم وضع قوات دولية على الحدود، والنظام المصري امتنع عن العدوان على اسرائيل مدة عشر سنوات. اذا وضعنا لبنان بدل اسرائيل، واستبدلنا جمال عبد الناصر بحسن نصر الله، فسيسود في هيئة الاركان الارتياح.
ولكن لأن الامين العام لحزب الله ليس سيدا لنفسه، عليه الموازنة بين اعتباراته كلبناني وبين التوجيهات الايرانية. لهذا فان التهديد باستثمار قوة اسرائيلية مدمرة بهدف هزيمة منظمته هدف الى ردعه عن الخضوع لحرس الثورة الايراني وتشجيعه لأن يكون لبناني قبل كل شيء.
في حرب لبنان الاولى في 1982 تم تشغيل ثلاث قيادات للجيوش، لكن فقط واحدة في القطاع الشرقي بقيادة يانوش بن غال تم اشراكها في القتال. الجيش الثاني في الجولان بقيادة موشيه بريل – باركوخبا استعد لانتشار القتال الى سوريا، والجيش الثالث بقيادة دان شومرون استعد لتوسيع الحرب الى المنطقة الواقعة في شمال بيروت.
حسب هذه السابقة يمكن التقدير أن تخصيص قيادة جيش لجنوب لبنان في المناورة في هذه المرة، حيث تخلى قائد الجبهة الشمالية عن السيطرة المباشرة على الكتائب، من اجل ان يبقى متفرغا ايضا لمهمات اخرى، معناه أن الجيش الاسرائيلي يستعد لتشغيل جيش آخر في سوريا وقيادة اخرى في شمال لبنان. ولأن الجيش الثالث ألغي، يفترض أن قيادة الجبهة الداخلية أعدت لذلك.
إن من يريد الردع يهدد بالحسم، لكن مصداقية الردع مشروطة بتقدير العدو، بأن الجيش الاسرائيلي حقا قادر على تنفيذ المهمات التي يقوم بالتدرب عليها. رئيس الاركان غادي آيزنكوت يستثمر اكثر في القوات التي ستوفر الحسم والتي ستشارك فيه. ليست مقاربة متعادلة، متوسطة، التي تطور بصورة متوسطة كل الجيش، لكن استثمار في الممتازين، الجيدين والمناسبين. اذا كانت التوقعات هي الحصول على انجازات خاطفة لوحدات مختارة، لم تتحقق واحتاجت ايضا الى قوات من الدرجة الثانية والثالثة، فان المعركة ستتعقد وتتقلب. عندما دفع الجيش الاسرائيلي من لبنان بعد 18 سنة زائدة، كان ذلك حسما لصالح حزب الله، وكما تبين في العام 2006 فان هذه المنظمة الشيعية لم يتم ردعها.
هآرتس 17/9/2017