محور المقاومة يُطلق عمليات فتح الحدود: إيلي حنا, أيهم مرعي
دمشق وحلفاؤها إلى البوكمال… و«الحشد» إلى القائم
أطلقت دمشق وحلفاؤها العاملون في سوريا والعراق معركة إقفال الحدود، إذ بعد تثبيت المسألة في الميدان كأمر واقع إثر عزل «جيب التنف» عبر الوصول إلى شريط حدودي شمال «المنطقة الأميركية في سوريا»، يستعد الجيش السوري للتوجه نحو البوكمال من محاور عدة، بالتزامن مع إطلاق «الحشد الشعبي» معركة مماثلة من الجانب العراقي، وصولاً إلى مدينة القائم المقابلة
في سياق متكامل، ترسم دمشق وحلفاؤها خطط إنهاء «داعش» في سوريا. القضاء على التنظيم يعني القفز فوق خطوط حمر أميركية على المقلبين العراقي والسوري، ويتطلّب أيضاً في مواضع محددة المواجهة عبر رسائل ميدانية وسياسية. قد يكون تطويق جيب التنف إحدى أهم تلك الرسائل، وابتداء، سقف مرتفع لمحور دمشق في التأكيد على أولوياته، إذ بعد الوصول إلى الحدود بعد عزل القاعدة الأميركية والمجموعات السورية العاملة بإمرتها جنوب البادية، اتجه «الحلفاء» بخطى ثابتة نحو دير الزور.
من محور السخنة في ريف حمص الشرقي، ومن ريفي الرقة وحماة، كانت الصافرة تُطلق إيذاناً ببدء مرحلة نهاية «داعش سوريا».
اليوم، يتحرّك «الحشد الشعبي» أيضاً للإطباق على التنظيم الإرهابي من الجانب العراقي، لتأخذ العمليات شكلاً منسّقاً ومتكاملاً يضع الطرفان على الحدود المشتركة.
ومع فك الحصار عن مدينة دير الزور ومطارها العسكري، والتوسّع المستمرّ شرق المدينة وغربها، كان «التماس» مع (قوات) واشنطن هو المؤثّر في المعركة.
استعجلت أميركا فصائلها على الأرض، لتعلن سريعاً عن «مجلس دير الزور العسكري» لتثبت خطوط تماس عسكرية مع دمشق بعد تثبيتها سابقاً في السياسة مع موسكو: شمال نهر الفرات منطقة عمليات أميركية.
عملياً، سيعمل الطرفان الدوليان على تجنّب أي صدام على الأرض بين المقاتلين، رغم أنّ قرار عبور النهار في نقاط عدة قد اتُّخذ سورياً. وعلمت «الأخبار» أن هذا العبور لن يكون تكتيكياً فقط لمئات الأمتار بل «سيصل إلى كيلومترات عدة ولقرى متفرقة ربطاً بعمليات السيطرة على الحدود وتحرير معظم محافظة دير الزور على يد الجيش وحلفائه».
توجّه محور دمشق، قابله سريعاً تحرك منسّق من الجانب العراقي، عبر تحرير «الحشد الشعبي» (بالتعاون مع الجيش العراقي وحرس الحدود) ناحية عكاشات (تقع بين مدينة الرطبة ومدينة القائم) انطلاقاً من «محاور مشتركة من الحدود العراقية والسورية»، وتهدف العملية المستمرة إلى تأمين الطريق بينها وبين مدينة القائم. وأشار مصدر قيادي في «الحشد» إلى أنّهم «سيواصلون التقدم على طول الحدود ولن يتوقف عند عكاشات».
وكشف لـ«الأخبار» أنه ستبدأ أيضاً معركة من الساحل الأيسر لقضاء الشرقاط (تابع لمحافظة صلاح الدين، غرب الحويجة) باتجاه الحدود السورية، على أن تنطلق معركة أخرى لاحقاً من محور حُديثة لتحرير بلدة «عنه» (تبعد عن معبر القائم الحدودي المقابل للبوكمال السورية 90 كيلومتراً).
القيادي يشير إلى أن معركة الحدود بدأت، وذلّلت معظم «الفيتوات» التي وضعت أمامها، وقرار «الحشد» واضح بالتنسيق مع الحكومة في بغداد والحلفاء.
وفي هذا السياق، لم يكن تقدم الجيش من محور حميمة باتجاه البوكمال، مفاجئاً أول من أمس، في ظل إنهاء الجيش السوري انتشاره على مساحة واسعة من الضفة الشمالية لنهر الفرات، تمهيداً لعبور النهر، وبدء العمل في الضفة الشرقية، لتحقيق هدفين، الأول تطويق المدينة، والثاني هو توسيع العمليات باتجاه الريفين الشمالي والشمالي الشرقي.
فالجيش والحلفاء، الذين أطلقوا معركة «الفجر 3»، نجحوا في التقدم والسيطرة على شمال شارة الوعر ووادي الرطيمة والغزلانية في محاذاة الحدود السورية ــ العراقية حتى «المحطة الثانية»، والتي ستستمر للوصول إلى منطقة البوكمال (تبعد حوالى 30 كيلومتراً).
ويهدف فتح محور حميمة ــ البوكمال، إلى الضغط على التنظيم، ولتسريع وتيرة العمليات في جغرافية دير الزور، ولإرسال رسائل لـ«التحالف الأميركي»، بأن معركة دير الزور هي معركة حلف المقاومة وروسيا. ولم يعد خافياً أن غرفة عمليات الجيش السوري والحلفاء الأهم باتت في دير الزور، التي شهدت وجوداً مكثفاً لخبراء وجنود روس، إلى جانب آلاف الجنود السوريين والقوات الرديفة والحليفة. وربما تسمية بيان الحلفاء الفصائل المشاركة بأسمائها لأول مرة كـ«الحيدريون والفاطميون والزينبيون» يعكس إصراراً من هذا المحور للسيطرة على الشريط الحدودي السوري ــ العراقي، وبأنه واضح بتشكيله وأهدافه. وتقول مصادر ميدانية لـ«الأخبار» إنّ «التقدم باتجاه البوكمال سيشهد زخماً يماثله تقدم في الجانب العراقي، لإقفال ما تبقى من شريط حدودي مع العراق، وصولاً إلى البوكمال، وربما إلى ما بعدها، وصولاً إلى أطراف الشدادي في ريف الحسكة». وأضاف أن «التقدم يهدف إلى محاصرة الريف الشرقي، وتأمين خطوط إمداد إضافية للعمليات العسكرية لتسريع وتيرة معركة إنهاء التنظيم في دير الزور».
ونجح الجيش السوري، أيضاً، في تأمين كامل محيط مطار الدير العسكري، بامتداد يفوق الـ 6 كيلومترات بكل الاتجاهات، بعد السيطرة على تلال الثردة وتلة كروم شرقاً، وكامل الجفرة شمالاً، والمريعية وحويجة المريعية جنوب شرق المطار، لتصبح إمكانية إعادة الملاحة الجوية ممكنة، ليخدم العمليات المستمرة في المحافظة. وبعد إنهاء الجيش مهمة تأمين محيط المطار، ونجاحه في قطع طريق دير الزور ــ الميادين، بدأ بالتحضير النهائي لعبور نهر الفرات، من خلال تركيز العمليات على منطقتي حويجة قاطع وحويجة صكر، والتي ستتيح الوصول إليها، عبوراً لنهر الفرات من محورين، وستضع الجيش في المحور الشمالي للمحافظة.
وبالتوازي، واصل الجيش تقدمه في المحور الغربي، فسيطر على تل الحجيف وتلة الإذاعة ومعسكر الصاعقة ومستودعات عياش، ما سيفتح الطريق للتقدم باتجاه منطقة الحوائج والشريط الغربي لنهر الفرات. ويتوقع أن يشهد المحور الغربي للدير تحرّكاً لجبهة معدان في ريف الرقة الشرقي، للتقدم بالسرير الغربي لنهر الفرات من محورين، لإطباق الحصار عليهم من أكثر من محور، وربط ريف الرقة الشرقي والجنوبي في ريف دير الزور الغربي والشمالي الغربي، في خط إمداد إضافي للجيش باتجاه دير الزور.
ويبدو أن تأخر عبور نهر الفرات ينتظر استكمال كل التجهيزات العسكرية، بحسب ما يقول مصدر عسكري لـ«الأخبار». ويضيف أن «عبور نهر الفرات قريب، والعمليات العسكرية ستشمل جغرافية واسعة من دير الزور، لملاحقة داعش وإنهاء وجوده بشكل كامل». ولفت المصدر إلى أنّ «عبور نهر الفرات سيكون خطوة استراتيجية ومفصلية في القضاء على داعش، وربط الشرق السوري ببقية المحافظات».
«خفض توتّر» في حوض الفرات
أفادت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها، بأنّ «قواتها أبلغت الجانب الأميركي بحدود عملياتها العسكرية في دير الزور، ولم ترصد خلال الأيام الأخيرة أي معارك بين داعش وقوات أخرى شرق الفرات». وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع، إيغور كوناشينكوف: «ممثلو التحالف وحدهم يستطيعون الإجابة عن سؤال كيف استطاع عناصر من المعارضة أو مستشارون عسكريون من بلدان التحالف الدولي دخول مواقع داعش شرق دير الزور من دون قتال». بدوره، أعلن رئيس الأركان الأميركي الجنرال جو دانفورد، أمس، أن بلاده وروسيا أجرتا مشاورات للحفاظ على منطقة «خفض التوتر» في وادي الفرات بعد قصف جوي على مواقع «قسد» اتُّهمت به موسكو.
وأوضح «أننا أجرينا اتصالات على كل المستويات لإعادة جعل الفرات منطقة خفض توتر»، مبدياً أسفه لهذا الحادث الذي يشكّل «فشلاً» لمساعي خفض التوتر. وأقر بأنّ «الوضع في هذه المنطقة بالغ التعقيد»، معتبراً أن «خفض التوتر حالياً هو أكثر صعوبة مما كان عليه قبل بضعة أشهر». لكنه لم يوضح ما إذا كان الجانب الروسي قد أعلن التزامات، ملاحظاً أنّه «لم تتم تسوية كل المشاكل».
(الاخبار)