لوموند: التفوق الروسي في الميدان السوري بكلفة منخفضة
نشرت لوموند تقريرا للصحافية ناتالي غيبير بارز في صفحة الدوليات بعنوان «لماذا يعتبر التدخل العسكري الروسي في سورية ناجحاً؟». التقرير ينقل ما كتبه المؤرخ “ميشيل غويا” عن التدخل العسكري الروسي في سورية والنجاح الذي حققه وتنشر جزءاً مما جاء في هذه الدراسة على صفحات لوموند. يقول ميشيل غويا: إن التدخل العسكري الروسي ناجح في سورية لأنه وصل إلى تحقيق هدفه الأول من جراء التدخل وهو إنقاذ النظام السوري الذي كان في وضع صعب, وحتى إمكانية تحقيقه اليوم انتصاراً ما. الحرب في سورية لم تنتهي الآن, لكن بشار الأسد لا يمكن أن يخسر الحرب بعد اليوم. من المهم الملاحظة أن النتائج التي وصل إليها الروس جاءت بإمكانيات محدودة أي ما بين 4000 إلى 5000 جندي وحوالي 70 طائرة, و3 ملايين يورو يومياً لدعم العمليات وهو ما يشكل حوالي ربع إلى خمس الجهد الأميركي في المنطقة.
الفعالية الروسية عالية جداً بالمقارنة مع الفعالية الأميركية والوجود الروسي في سورية لم يأت على مراحل بل كان متكاملاً ودفعة واحدة, فنحن لم نلاحظ في العمليات وجوداً للمشاة ثم الطائرات الهجومية وبعدها المدفعية والحوامات كما يفعل الأميركيون. ويضيف غويا, إن الحرب في سورية هي حرب فسيفسائية متعددة الأطراف والأهداف وليست بين خصمين, وبالتالي هناك لحظات توافق واختلاف بين معظم الأطراف وفقاً للحالة على الأرض, وهذا ما يجعل الصراع معقداً تارةً ومستقراً تارة أخرى, مثلما حصل في الحرب اللبنانية 1975, لكن أيضاً يمكننا أن نلاحظ أن الخصمين الرئيسيين المتنافسين وهما الولايات المتحدة وروسيا ليس لديهما أي نية بالمواجهة المباشرة ويحاولان تلافي أي إمكانية للتقابل وجهاً لوجه. وبالنسبة للدفاع الجوي, فإن وفي اللحظة التي دخل بها الروس إلى سورية واحتلوا سماءها فإن الوضع بات معقداً بالنسبة للأطراف الباقية, ومع نشر منظومات الرادار وصواريخ أرض جو وأرض بحر من طرازي إس 300 وإس 400, فإن الأمر لم يعد خاصاً بحماية القواعد الروسية في سورية من هجمات المتمردين, بل أنشأ ما يمكن تسميته منطقة حظر واستبعاد جوي بالنسبة لباقي الأطراف الخارجية وفي مقدمهم الولايات المتّحدة الأميركية.
ويرى ميشيل غويا إن كلمة السر في العمليات العسكرية الروسية هي العمليات المختلطة أو المشتركة, بمعنى الهجوم للسيطرة على المراكز الرئيسية, وتدمير دفاعات العدو, وبذات الوقت اللجوء إلى التفاوض إن أمكن, وممارسة ضغط على السكان المحليين من أجل دفع المجموعات إلى الحوار, أو القبول بمبدأ ترحيل المقاتلين من أراضيهم. غويا يرى أن عاملاً آخر يدخل في التفوق الروسي في سورية وهو انخفاض عدد الضحايا المدنيين ووفق موقع “اير وورز” فإن «العمليات الجوية الروسية كانت دليلاً على القدرة على السيطرة والتحكم بالعمليات الجوية على عكس ما جرى في الحرب على جورجيا عام 2008» ويضيف إن «عدد الضحايا الذين سقطوا جراء التدخل الروسي ما بين 4000 و 5400, فيما ضحايا التحالف الأميركي, الذي بدأ التدخل في أيلول 2014, يتراوح بين 5300 و8000».