ابراهيم: ما بنيناه بالدم لن يبدده تجار المذهبية
ظمت بلدية كوثرية السياد حفل تكريم طلاب البلدة المتفوقين في الشهادات الجامعية والرسمية، برعاية المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، على ملعب المدرسة الرسمية.
وفي كلمة للواء ابراهيم قال: “ليس سهلا ولا عاديا ان يقف المرء بين أهله وابنائه مكرما ومكرما، ليشكر الأولين على ما اعطوه، وليشجع اللاحقين وينبههم على استثمار ما بين ايديهم من حب وعطاء، قبل ان تأخذهم دورة الحياة وقسوتها إلى حيث قد يتمنون في كل لحظة ان يعيدهم الدهر الى حيث هم الآن، ولا يفعل“.
أضاف: “في كوثرية السياد، النور الأول الذي هداني إلى حيث أنا. وفيها الحب الأبدي لجنوب يعطي ولا يأخذ. هي همزة الوصل بين صور المشرعة على العالم انفتاحا، وبين النبطية مصنعا للعلم، وحاضنة للعمل والعمال“.
وتابع: “لكم أسعدتني الدعوة لأكون بينكم، في حفل يجمع اولا عيد الانتصار الثاني المضمخ بدماء شهدائنا الذين حموا بمهجهم لبنان التنوع والتعدد الحضاري، وثانيا عيد الغدير حيث الامام علي “باب مدينة علم رسوله”، لتكلل هاتان المناسبتان فرحة بناجحين ومتفوقين، هم ثروة لبنان وضمانته المستقبلية. فلبنان الآن أحوج ما يكون إلى الاستثمار في العلم والمتعلمين، لأن مجد لبنان السابق والآتي، كان دوما بقدرته على انتاج المتعلمين النوعيين الكفوئين، المتنورين والمزودين بأكثر العلوم تطورا. فالعلم لم يكن يوما بناء مميزا انما منهاجا مميزا في الرياضيات والعلوم واللغات. وهذا النوع من العلم والتعليم هما من منحا لبنان سمعته وصيته المميزين في محيطه العربي وحتى على مستوى العالم“.
وأكد أن “لبنان كان دائما، بإنسانه العصري المنفتح على كل الثقافات والعلوم، وبإنسانه الخلاق الذي يحترف استثمار المبادرة الفردية، وأخص بالذكر اساتذتنا المحترمين بأدائهم وحضورهم، إذ انهم ببراعتهم في نقل معارفهم إلى طلابنا استحقوا، وعن جدارة لقب اساتذة اجلاء، حيث لم يكن التعليم بالنسبة إليهم مهنة بقدر ما هو حرفة، ولم يكن مدخلا للاسترزاق بقدر ما كان رسالة، فالتحية لهم، والشكر كل الشكر على عطاءاتهم من أفئدتهم وعقولهم، والتي انتجت طلابا متفوقين. وقبل هذا وذاك هناك الشكر المستحق للأهالي الذين آثروا تعليم أولادهم على أي ترف كان يمكن ان يعيشوه، فالادراك الفطري لأهمية العلم والتعلم انما يعكس وعيا ثابتا بأن السبيل إلى العزة والمنعة، وبقدر ما يستدعي بذل الأرواح في ميادين القتال، فإنه يعني أيضا استكمال المناعة بالحد من التسرب المدرسي، وبتوسل النجاح العلمي في شتى المجالات الاكاديمية، لأن الدول القوية تقوم على سلسلة متماسكة من العلماء والعاملين والجنود والتجار والصناعيين والمهنيين“.
وقال: “ان ثلاثية احتفاليتنا هذه تستدعي الوقوف على واسطة عقدها – أي عيد الغدير – لنردد مع معالي الوزير السابق الشاعر جوزيف الهاشم عن الامام علي عندما قال “ليس الامام فتى الاسلام وحدهم”. فهذا الامام، بما شكله عبر التاريخ من نموذج للانفتاح والتعاون والتضحية والايثار حتى صار مأثرة ينسب إليها ويقاس عليها نبل الأفعال. وما أحوجنا إلى نهج امامنا ونحن نحتفل بعيد التحرير الثاني من ارهاب متأسلم، لا يمثل إلا من زعمه وقاتل في صفوفه واذى كل بني البشر من دون استثناء، لأننا بحاجة إلى الفطنة لإسقاط الفتنة، وليس إلى شحن النفوس“.
ورأى ان “الانتصار وتحرير جرود عرسال الحبيبة وبعلبك والقاع العزيزتين والغاليتين، هما محطتان من محطات التضحية الكبرى على طريق بناء لبنان الدولة القوية بحدودها، التي لم يعد مسموحا ان تكون مستباحة او مفتوحة لجعل البلد ملعبا او متجرا سياسيا، فلبنان لم يعد لهواة المغامرات، وما بنيناه بالدم والجهد والوحدة الوطنية لن يبدده تجار المذهبية والمواسم الانتخابية، فالعيش بسلام وباستقرار هو قاعدة حقوقية وليس منة من أحد، وكذلك هو واجب على القوى السياسية ان تؤديه للبنانيين جميعهم وبكل مكوناتهم“.
وختم: “ان احتفالنا بالناجحين والمتفوقين، الذين سينتقلون الى الجامعات والكليات او المعاهد الفنية والمهنية، هو الأمل بفرح آت إذا ما أحسنا كمجتمع في الاستثمار في التعليم، خصوصا التعليم الرسمي الوطني الذي يشكل حاضنا جامعا، فضلا عن كونه يوفر الملايين على الأهالي بما يساعدهم على توفير العيش الكريم واللائق، وكذلك الانفاق على ابنائهم لتحصيل العلوم العليا والنوعية التي تميز الدول والشعوب الراقية“.