دول البريكس: التقدم لمواجهة التحديات الجديدة أميتندو باليت
تشاينا ديلي/ 6- 9- 2017
تأتي قمة البريكس التاسعة في شيامن هذا العام لتمثل الرحلة التي قامت بها دول البريكس خلال فترة مضطربة يمر بها الاقتصاد العالمي. كما أنها تشير إلى بلوغ المجموعة سن الرشد والتحديات التي ستواجهها في المستقبل.
اجتمعت بلدان البريكس للمرة الأولى عام 2009 وهي تجتمع سنوياً منذ ذلك الحين. وقد اتسعت المجموعة منذ اجتماعها الأول لتشمل جنوب إفريقيا بالإضافة إلى الدول الاعضاء البرازيل والصين والهند وروسيا. وقد تنضم دول أخرى إلى البريكس مستقبلاً، فيما تتحول إلى محفل رئيسي للاقتصاد العالمي ترسمه مصالح اقتصادات الأسواق الناشئة.
يصعب علينا التغاضي عن حقيقة أن مجموعة البريكس قد اجتمعت للمرة الأولى بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008. وقد أبرزت أزمة عام 2008 المالية مواطن ضعف النظام المالي العالمي الذي كانت تهيمن عليه البنوك والمؤسسات المالية الأميركية والأوروبية. وقد لفت الكشف الكبير عن القروض المتعثرة والديون المعدومة الانتباه إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا ستجدان صعوبة في العمل كمحركين للنمو العالمي من ذلك الحين. وكان ذلك يعني أيضا أن أسواق العالم الناشئة الكبيرة كان عليها أن تقبل حتمية قيادتها للاقتصاد العالمي. وتلك مهمة أدّتها دول البريكس بشكل جيد على مدى السنوات القليلة الماضية. وعلى الرغم من التشكيك بأن البريكس هي مجرد تكتل اجتمع بسبب “المواءمة” وليس لأن لديه جدول أعمال مشترك، فإن المجموعة صمدت وأنتجت مؤسسات، وبنك التنمية الجديد أبرز مثال على ذلك.
ومع مضيّها قدماً، ستواجه البريكس تحديات أكبر. أحد أكبر التحديات التي تواجهها المجموعة الآن هو التغير السريع في النظام العالمي الذي جعل أعضاء البريكس، سيما روسيا والصين والهند، لاعبين بارزين جداً في الشؤون الإقليمية والعالمية. وقد حدث ذلك بسبب عدم قدرة الولايات المتحدة على الانخراط على نحو بنّاء في مختلف القضايا العالمية والإقليمية، وأيضا بسبب اكتساب أعضاء البريكس أهمية جيو-اقتصادية وسياسية مع مرور الوقت.
إن بروز النموذج الثلاثي الصيني الهندي الروسي في إدارة البريكس يعكس أيضاً أهمية الأسواق الآسيوية الناشئة في البريكس. والواقع أن هذا يمثل تحدياً آخر لبلدان البريكس فيما تمضي قدماً. ولكي تصبح البريكس ممثلة حقيقية للأسواق الناشئة الكبيرة في جميع أنحاء العالم، يجب أن تصبح عابرة للقارات. ويجب أن تضم عضويتها عدداً أكبر من البلدان من مناطق وقارات أخرى. وهذا هو المكان الذي يصبح فيه التواصل المتبادل بين روسيا والصين والهند حيوياً. إن تعقيدات الجغرافيا السياسية الحديثة تنشئ حالات لا يكون فيها أصدقاء وحلفاء بلد ما بالضرورة أصدقاء وحلفاء البلد الآخر. وتكون البلدان الثلاثة حذرة في ترشيح أعضاء جدد نظراً لحساباتها الاستراتيجية الخاصة فيما يتعلق بضم أعضاء جدد. وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي تجعل توسيع عضوية البريكس مهمة صعبة في الواقع.
ومن التحديات الهامة أيضاً التي تواجه بلدان البريكس هو اتخاذ قرار بشأن أجندتها المستقبلية. لحد الآن، سادت قضيتان هامتان على عمل المجموعة. والقضيتان هما التغيّر المناخي وتمويل التنمية، اللتان تهدفان إلى بناء البنية التحتية. لكن عاجلاً أم آجلاً، سيكون على بلدان البريكس توسيع أجندتها لزيادة انخراطها في النظام العالمي. هناك العديد من الشواغل العالمية المشتركة حيث يمكن لدول المجموعة أن تساهم دون مواجهة الصعوبات نيابة عن أي من الأعضاء الحاليين. وتشمل هذه القضايا إدارة الكوارث الطبيعية، والقضايا الصحية التي تشكل شواغل مشتركة لدى جميع أعضاء البريكس، فضلا عن قضايا التجارة والقضايا المالية العالمية ذات الاهتمام المشترك. في الواقع، قد يكون من الجيّد تكوين “رؤية للبريكس” أو “وثيقة للبريكس” في منتديات مثل منظمة التجارة العالمية، حيث تعمل الصين والهند معاً لخفض الإعانات الزراعية المشوّهة للتجارة الذي تقوم بها الاقتصادات المتقدمة. والتحدي النهائي أمام دول البريكس، بالطبع، هو أن تقرر إلى أي حد يمكنها أن تحوّل أجندة التنمية الحالية إلى أجندة سياسية أو استراتيجية. غير أن التوصل إلى اتفاق من هذا النوع سيكون صعبا للغاية.