الأسد وإيران انتصرا: اليكس فيشمان
نافذة الفرص التي فتحت أمام إسرائيل، التي تسمح لها بأن تكون شريكا في ائتلاف عربي سنّي في مواجهة خطر التوسع الإيراني ـ بداية في سورية ولاحقا في الشرق الأوسط كله ـ آخذة في الانغلاق .
فالانجاز السياسي ـ العسكري لروسيا، التي نجحت في استقرار نظام الأسد، والتوسع الإيراني نحو معاقل داعش التي تركت في سورية، أديا بالعالم العربي السنّي إلى إعادة تفكير في كل ما يتعلق بعلاقاته مع الأسد. فمنشورات علنية تروي مثلا عن جهود أردنية للوصول إلى تفاهمات مع نظام الأسد، تتضمن ضمن أمور أخرى إعادة فتح المعابر الكبرى بين الأردن وسورية لأغراض التجارة، إلى جانب استئناف التفاهمات الاستخبارية بين الدولتين. هذا أحد مظاهر الفشل الأكبر لإسرائيل وللتحالف الغربي في سورية، برئاسة الولايات المتحدة.
ولكن ليست الدول وحدها تبحث طريقها نحو نظام الأسد المؤيد لإيران. فقد أفاد رئيس جهاز المخابرات نداف أرغمان في جلسة الحكومة هذا الأسبوع عن توثيق العلاقات بين إيران، حزب الله وحماس، الخطوة التي قد تكون لها آثار أمنية بعيدة المدى. والحقيقة هي أن علاقات الذراع العسكرية لحماس مع حزب الله ومع إيران شهدت ارتفاعات وهبوطات، ولكنها لم تقطع أبدا. أما الآن، على خلفية انجازات إيران في سورية، تسعى حماس غزة إلى الانضمام إلى «القوى الرائدة الجديدة» في الشرق الأوسط، وتسمح قيادتها لنفسها بالإعلان علنا عن تأييدها للأسد والتسوية الجديدة اللذين قررهما الروس والإيرانيون في سورية. وأعلن زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار في بداية الشهر عن أن علاقات حماس وإيران ليس فقط عادت إلى مسارها بعد سنوات من المصاعب بل هي أكثر من ممتازة. إيران، كما أضاف، هي اليوم الداعمة الأهم للذراع العسكرية.
وبالفعل، حسب منشورات أجنبية تحول إيران نحو 70 مليون دولار في السنة للذراع العسكرية لحماس في غزة، وبالتوازي تمنح المنظمة مساعدة لوجستية وفنية. ويصل رجال الذراع العسكرية لحماس إلى إيران ودول أخرى ليتلقوا هناك تدريبا عسكريا من مدربين إيرانيين. وحسب السنوار، كما أسلفنا، فإن هذه العلاقات تتوثق فقط.
العلاقة بين حماس غزة والإيرانيين وحزب الله ليست طبيعية ولا تقع على أرض ناضجة. الرأي العام في غزة، الذي يتابع بقلق النشاط الشيعي ضد السنّة في العراق، معاد لإيران. ولكن فشل السياسة الأمريكية في سورية وهبوط نجم الغرب في الساحة يجبران دول المنطقة، بما في ذلك منظمات مثل حماس، للوقوع بين أذرع إيران، أو على الأقل محاولة الحوار معها.
من يتصدر التقارب بين حماس وإيران وحزب الله هو رئيس فرع حماس في لبنان، صالح العاروري. فالعاروري الذي يعتبر المسؤول العسكري للإهارب الحماسي في الضفة، مقرب من خالد مشعل، الرئيس السابق لمكتب حماس السياسي ـ وكلاهما يشكلان معارضة لقيادة حماس في غزة برئاسة السنوار. والشرخ بين الطرفين وجد تعبيره في المؤتمر الذي ينعقد هذه الأيام في القاهرة، ويشارك فيه أكثر من 20 عضوا من قيادة حماس. وبينما يشد السنوار باتجاه الاعتماد على مصر واتحاد الإمارات، يدفع العاروري ومؤيدوه تجاه الاعتماد على تركيا، قطر وإيران. وعودة حماس إلى أذرع إيران ستقع دوما على حساب مصر، وعلى أية حال ستشكل انتصارا للمعارضة برئاس مشعل. وبالمناسبة، يطلب العاروري اليوم لنفسه منصب نائب إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس.
لم تكن لدى إسرائيل الأدوات، وبالأساس السياسية، كي تحاول التأثير في السياقات في سورية. وبشكل لا مفر4 منه اعتمدت على التحالف الأمريكي ـ الذي خيّب الآمال. والآن، بعد خمس سنوات، حين يستقر الإيرانيون في سورية بموافقة التحالف العربي السنّي، ينبغي إصلاح الأمر.
خسارة. لقد كانت لإسرائيل فرصة طيبة للوصول إلى قاسم مشترك مع سلسلة من الدول السنّية في المنطقة بشأن مستقبل الشرق الأوسط ومكانتها فيه، بما في ذلك حل متفق عليه في المسألة الفلسطينية بتسليم من الدول السنّية الرائدة. ولكن شيء ما فوت في الطريق.
أحد ما انتظر أكثر مما ينبغي، لعب مع السعوديين، لعب مع الأردنيين، كان واثقا من أن «المعجزة» في سورية ستستمر على مدى الزمن. غير أن الأسد لم يسقط، الإيرانيون وحزب الله تعززوا، وإسرائيل تسجل لنفسها فشلا سياسيا آخر.
يديعوت