ماذا بعد إصرار البارزاني على الاستفتاء؟: حميدي العبدالله
أعلن مسعود البارزاني تصميمه على إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان. واضح أنّ النتيجة ستكون لمصلحة التصويت على الانفصال عن العراق، وعندها لن يكون من السهل على البارزاني عدم المضيّ في هذا الخيار حتى النهاية، لأنّ التراجع عن الانفصال سوف يشكل مخالفة صريحة لإرادة غالبية أكراد شمال العراق. لكن ماذا إذا تكرّس انفصال شمال العراق؟
واضح أنّ الدولة الكردية الوليدة ستواجه المعضلات الآتية:
أولاً، سيخسر الأكراد وجودهم في الدولة العراقية المركزية. ومعروف أنّ رئاسة العراق وكذلك عدد من الوزارات الهامة يشغلها الآن الأكراد. الوضع الحالي يعكس المعادلة التالية، إقليم كردستان العراق مستقلّ من الناحية العملية، وهناك سيطرة أحادية عليه ولا وجود للدولة المركزية، مقابل ذلك الأكراد يحوزون على حصة في الحكومة المركزية في بغداد توازي عددهم من سكان العراق.
إذا ما انفصل إقليم كردستان عن العراق تنتهي هذه المعادلة ويخسر الأكراد مشاركتهم في الحكومة المركزية، وهذه خسارة يصعب تعويضها.
ثانياً، الانفصال، على عكس ما أشار إليه بيان مسعود البارزاني الذي حرّض الأكراد على التصويت عليه، الانفصال سيقود إلى نشوب مشاكل حدودية في محافظتي كركوك ونينوى، وستؤدّي هذه المشاكل إلى صراعات ونشوء حال عدائية بين العراق والدولة الكردية، ولا يعرف أحد إلى ماذا ستقود هذه الصراعات وما سيترتب عليها.
ثالثاً، اليوم جزء من ازدهار إقليم كردستان، وتحديداً أربيل، ينبع من أنّ أربيل تلعب دور «هونغ كونغ» العراق، أيّ أنّ أربيل بسبب الاستقرار الأمني فيها بالمقارنة مع بغداد، فإنّ جميع الشركات التي تنشط في العراق فتحت مكاتب لها في أربيل، في حال الانفصال ستفقد أربيل دورها هذا وستضطر الشركات إلى فتح مكاتبها في مدن عراقية أخرى لتخطي القيود التي سوف تنجم عن انفصال الأكراد عن الدولة المركزية، وسيترتب على ذلك تبعات تؤثر على ازدهار إقليم كردستان.
ثالثاً، ستواجه الدولة الكردية صعوبات جدية في بيع نفط الأكراد لأنّ منافذ البيع، يجب أن تمرّ إما في العراق أو تركيا أو إيران أو سورية، وجميع هذه الدول لا تريد قيام دولة كردية، أو على الأقلّ لن تقدّم التسهيلات للدولة الكردية.
هل أخذ مسعود البارزاني بعين الاعتبار كلّ هذه القضايا عندما صمّم على السير في خيار الانفصال؟
(البناء)