ليست مصادفة
غالب قنديل
لا لزوم للغوص في دهاليز المعلومات والتسريبات عن الاتصالات السعودية الصهيونية وما تحققه من تنسيق وثيق في الجهود المشتركة الأمنية والسياسية والإعلامية التي تستهدف محور المقاومة منذ انطلاق العمل المشترك عبر مجموعة شرم الشيخ الشهيرة التي أطلقتها كونداليزا رايس وخاضت بواسطتها حرب تموز 2006 وبتنسيق غير مسبوق أشركت المملكة والولايات المتحدة بواسطته اطرافا لبنانيا في المنصات السياسية والإعلامية للحرب التي اتخذت من تصفية حزب الله هدفا معلنا سياسيا وعسكريا من الطلقة الصهيونية الاولى حتى حسابات الفشل والعجز على موائد السفارة الأميركية في عوكر
.
أولا التعبيرات السياسية والعملية التي تطفو على سطح الأحداث الإقليمية وتتخذ مركز الصدارة في اهتمام الدوائر الصهيونية والأميركية والسعودية تتعلق بواقع الفشل والهزيمة الذي تكرس في سورية انتصارا لمحور المقاومة وقد خرجت في حصيلته المقاومة اللبنانية قوة عملاقة مهابة باعتراف جميع أعدائها وهي القوة التي يردع تعاظم ترسانتها الصاروخية تل أبيب عن شن حرب جديدة ضد لبنان.
التطورات السورية أسقطت مراهنات الكيان الصهيوني والمحور الرجعي العربي بقيادة السعودية على تدمير قوة الجيش العربي السوري واستنزاف حزب الله والتخلص بالتالي من التوازنات التي فرضها هذان الشريكان منذ حرب تموز بما يطلق يد العدو الصهيوني ومن ورائه الولايات المتحدة ودول الناتو واولا وقبل كل شيئ منظومة الدول الرجعية العربية التابعة بقيادة السعودية.
ثانيا الحملة السعودية المتجددة ضد حزب الله تعقب التحولات الصارخة في سورية ولبنان والتي تشي بهزيمة مدوية لجماعات القاعدة وداعش امام الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية وهي هزيمة للمشغل الأميركي وللمحور الإقليمي الذي قاد العدوان : تركيا والسعودية وقطر والذي تشظى في حاصل الفشل والهزيمة.
في الوقت عينه تتزامن هذه الحملة السعودية مع المناورات العسكرية الصهيونية الأضخم منذ العام 1997 وعنوانها المعلن التدرب على حرب جديدة ضد حزب الله الذي يقدر الجنرالات الصهاينة انه بات قادرا على القتال المشترك مع الجيش العربي السوري نتيجة ما راكمه من خبرات في القتال على الأرض السورية طورت من إمكاناته ومزاياه وقد وصفه قادة الأركان بالجيش المقاتل بينما اعترفوا للجيش السوري بامتلاك مهارات نوعية ومتجددة في حين يقدرون امتلاك الحزب لما يزيد على مئة وخمسين ألف صاروخ بعدما قالوا إن مستودعاته لم تكن تضم اكثر من عشرة آلاف صاروخ عندما انطلق العدوان على سورية.
ثالثا مصادفة حملة الوزير السعودي المفوض السبهان ضد حزب الله وتهديده للبنانيين إن لم يتصدوا له سياسيا جاءت عشية انطلاق المناورات العسكرية الصهيونية الضخمة وكأنما أراد الوزير السعودي المفوض ان يكون ناطقا رسميا بلسان حملة عسكرية صهيونية افتراضية على طريقة ما فعلت المملكة في حرب تموز مع تهديد أعنف للشعب اللبناني هذه المرة وهو تدخل سافر وأرعن في شأن داخلي لا يخص المملكة ولا موفديها والغريب العجيب ( المعتاد في لبنان ) ان تغريدة هذا الشخص اطلقت تكهنات في الصحافة عن مصير الحكومة التي صورت في مهب تغريدة سعودية وهي جاءت في مناخ جولات تحريضية قام بها الشخص نفسه على جهات سياسية لبنانية استهدفت حزب الله كذلك في مناخ دوره المحوري خلال عمليات تحرير الجرود وعندما وضع قدراته بتصرف الجيش اللبناني وقيادته وكان الغريب ان هذا الإعلان الذي اطلقه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لم يلق الصدى السياسي المفترض مع انه يلبي مطلبا مزمنا يلغو به خصوم الحزب طيلة اكثر من ربع قرن من الزمان.
رابعا يتوقع العدو حربا شاملة على امتداد جبهة الشمال أي عبر خطوط النار اللبنانية والسورية مع فلسطين المحتلة ويتوقع معارك عنيفة ينقلها المقاومون إلى قلب المستعمرات الصهيونية في الجليل وداخل الجولان المحتل وقد بات محسوما ان تل أبيب هي الجهة الأولى الخاسرة جراء هزائم عصابات القاعدة وداعش امام الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية والفصائل الشعبية الرديفة وحيث يعول المخططون الصهاينة وفق ما تنشره الصحف العبرية على دور سعودي فاعل في تأليب الجبهة الداخلية اللبنانية ضد حزب الله والتأثير في الجبهة العراقية الداخلية لمنع الحشد الشعبي العراقي من القتال على جبهة الجولان إذا وقعت الحرب الكبرى.
إذا انعدمت سبل التواصل والتنسيق المباشر بين الرياض وتل أبيب فالأكيد ان البريد الأميركي السريع يتكفل بتوصيل الرسائل وثمة قنوات أردنية وفلسطينية مباشرة لعبت أدورا في حروب الصهاينة السابقة لتنسيق الجهد السياسي السعودي الخليجي بما يخدم العدوان الصهيوني على لبنان وعلى قطاع غزة فمنظومة كوندي المجربة ما تزال تعمل وبين مناورات الجيش الصهيوني وتصريحات السبهان لامصادفات!.