كيف يتصرّف لبنان بعد تحوّل دير الزور؟: محمد بلوط
يعتبر تحرير دير الزور وفك أسرها بعد حصار دام اكثر من ثلاث سنوات محطة اساسية ومفصلية في التحول الكبير الذي تحقق لصالح النظام السوري وحلفائه في السنتين الماضيتين وكان ابرزه تحرير حلب وريفها .
ولا شك ان هذا الانتصار الميداني الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه هو امتداد للانتصارات في ريفي حماه وحمص والبادية على الحدود الاردنية والعراقية.
وبرأي مرجع لبناني مطلع ان تحرير دير الزور يعني تحرير الحدود السورية – العراقية بما لا يقل عن اربعمئة كيلومتر، عدا عن انه يشكل ليس تأكيداً حاسماً لهزيمة تنظيم «داعش» الارهابي فحسب، بل ايضاً بداية نهاية الحرب في سوريا لصالح النظام السوري وحلفائه.
ويرى المرجع ان هذا الانجاز الكبير سيكون له تداعيات بطبيعة الحال ليس على سوريا فحسب بل في المنطقة ودول الجوار بوجه خاص ومنها لبنان.
ومن الطبيعي ان يتعاطى لبنان مع هذا التحول الكبير بموضوعية وعقلانية بعيداً عن الديماغوجية والشعارات القديمة مثل الحياد او غيره من العناوين التي لم تعد «مبلوعة» في الواقع الراهن.
وكما عبّر الرئيس بري في ذكرى تغييب الامام الصدر فان سياسة دفن الرؤوس في الرمل لا تتوافق مع واقع العلاقة التي تربط لبنان بسوريا، ولا بدّ بعد التحول الكبير لصالح النظام ان يقتنع البعض في لبنان بأن مثل هذه السياسة لم تعد ممكنة، لا بل تصيب لبنان بالضرر الجسيم.
وتأخذ مصادر سياسية مطلعة على رئيس الحكومة سعد الحريري انه في تصريحاته خلال زيارته الى باريس ارتكب اكثر من «فاول» اولا بالكلام عن ربط اعادة النازحين السوريين برحيل الرئيس الأسد، وثانيا بالكلام عن دور للأمم المتحدة في وقت ان المنظمة الدولية لم ولا تتجاهل النظام السوري وما يمثله على كل الصعد.
وتقول المصادر ان الحريري يتصرف على طريقة المثل القائل «يطعمك الحج والناس راجعة»، مع العلم ان عنوان جولته الى باريس وموسكو (الاسبوع المقبل) هو قضية النازحين والاعباء الضخمة على لبنان من جرّائها.
وما يثير السخرية هو أن أحد ابرز مساعديه النائب عقاب صقر تبرع بتفسير لزيارة الحريري المرتقبة الى موسكو بالقول انه سيسعى الى اقناع الرئيس بوتين بالتخلي عن الرئيس الأسد.
وترى المصادر ان لا حاجة للتعليق على هذا التحليل والتفسير، فبدلاً من ان يتعب نفسه عناء السفر، الأحرى برئيس الحكومة ان يتابع ما قامت به موسكو في الايام الماضية من مؤازرة عسكرية غير عادية للجيش السوري لتحرير دير الزور، وما قاله الرئيس الروسي عن التحول لصالح القيادة السورية.
وتضيف المصادر السياسية المطلعة ان ما جرى ويجري في سوريا يفرض علينا في لبنان ان نتعامل مع الواقع الجديد بشيء من العقلانية بدلاً من ان نمارس سياسة التعمية والهروب الى الامام.وتعتقد ان الوضع بات ملائما لينصرف لبنان جدّياً الى فتح ملفّين مهمين: اولا الطرح الجديد والعمل من اجل عودة النازحين السوريين بعد الانتصارات الميدانية الكبيرة التي حققها الجيش السوري وسيطرة الدولة السورية الممثلة بقيادتها الشرعية على القسم الاكبر والحيوي من سوريا. وثانيا اعادة ترتيب العلاقة مع الحكومة السورية لمعالجة الكثير من القضايا والملفات لمصلحة