مقالات مختارة

رسائل جيش الدفاع الإسرائيلي إلى خصومه: عاموس هرئيل

 

قبل عشر سنوات في 6 أيلول / سبتمبر حدث هجوم غريب في شمال شرق سورية. رئيس الولايات المتحدة جورج بوش الابن وعدد من الشخصيات الكبيرة في إدارته وعدد كبير من وسائل الإعلام العالمية ـ فعليا كل المصادر الممكنة باستثناء وسائل الإعلام الإسرائيلية الممنوعة من نشر تفاصيل حول الموضوع ـ أعلنوا لاحقا أن طائرات إسرائيلية قامت بمهاجمة منشأة نووية أقامتها كوريا الشمالية لنظام الأسد .

المناورة العسكرية الكبيرة التي سيجريها الجيش الإسرائيلي في الجبهة الشمالية التي ستستمر أسبوعا ونصف الأسبوع ابتداءً من يوم الثلاثاء تعبر عن عدد من التغييرات التي حدثت في حدود إسرائيل الشمالية في العقد السابق منذ ذلك الحين. القصف في سورية حدث بعد سنة من خيبة الأمل التي تسبب بها سلوك الجيش الإسرائيلي في مواجهة حزب الله أثناء حرب لبنان الثانية. في تلك الفترة كانت إسرائيل ما زالت ترى في سورية عدوا حقيقيا.

الواقع الاستراتيجي في 2017 مختلف تماما: الجيش السوري تم تدميره بصورة كاملة تقريبا في ست سنوات ونصف السنة من الحرب الأهلية. وحزب الله هو العدو الأساسي ولبنان هي ساحة الحرب المركزية التي تقلق إسرائيل. وسورية تعتبر ساحة ثانوية يمكن أن تشارك في حرب مستقبلية مع حزب الله. وفي ظروف معينة (مثل نشاط إيراني متعاظم على الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان)، وحتى تسريع اندلاع الحرب.

هذه المناورة العسكرية هي الأولى من نوعها بعد 19 سنة. عشية حرب لبنان ألغت هيئة الأركان الفرق بذريعة أن الحديث يدور عن قيادة قديمة ليس لها أية حاجة الآن، فقط من أجل العودة إلى إنشائها بصورة مستعجلة حين انتهاء الحرب. في هذه المناورة سيشارك عشرات آلاف الجنود النظاميين والاحتياط، ولكن المهم فيها هو اختبار الأطر والوحدات (عشرات الألوية)، لاسيما تدريب القادة ـ قادة وحدات فما فوق.

الهدف الذي وضع أمام قائد الجبهة الشمالية في هذه المناورة، اللواء تمير هايمن، هو الانتصار على حزب الله. هذه المرة لا يتم إسماع أقوال عن الحاق ضرر كبير بحزب الله، ردعه أو سلب إرادته القتالية، حتى جولة الهجمات المقبلة. هذا تطور إيجابي: من الجيد أن الجيش الإسرائيلي يتحدث بصورة واضحة في الداخل والخارج. ولكن يجب أخذ الأمور بالتحفظ المناسب. من الأسهل الإعلان عن انتصار في المناورة عنه في الحرب، مع أن الاتجاه الذي تتطور نحوه الأمور في الاختبار الحقيقي يتعلق بدرجة كبيرة بالحوار بين هيئة القيادة العامة والمستوى السياسي.

المجلس الوزاري المصغر والحكومة، كما تبين جيدا في المعارك الأخيرة كلها في لبنان وغزة، غير متحمسين لأن يضعوا أمام الجيش أهدافا مفصلة أو طموحة. في حالات كثيرة اضطرت القيادة العامة إلى وضع أهداف المعركة من خلال تفسير خلّاق للتوجيهات العامة جدا التي تصل من الأعلى. هذا أحد الأسباب التي كانت وراء خلفية قرار رئيس هيئة الأركان غادي آيزنكوت لنشر وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي ـ التي تناقش للمرة الأولى بشكل علني هذه القضايا ـ قبل سنتين. في هذه المرة كما يبدو على الأقل، سيكلف أعضاء المجلس الوزاري المصغر أنفسهم عناء مشاهدة المناورة، بعد غياب معظمهم عن مناورة هيئة الأركان الأخيرة قبل سنة تقريبا.

حزب الله يعرف عن تحضيرات الجيش الإسرائيلي للمناورة. ويتوقع أن يحاول قدر استطاعته حل لغز مخططات إسرائيل ومعرفة قدراتها. برغم رسائل التهدئة التي تخرج من إسرائيل وتوضح أن الأمر يتعلق بمناورة فقط (الجليل الأسفل يلعب في المناورة دور لبنان)، ومن المعقول أن مستوى الانفعال الاقليمي سيرتفع في الأيام العشرة المقبلة. إسرائيل تريد استغلال المناورة أيضا من أجل نقل رسالة ردع: برغم تحسن قدرة حزب الله في الـ 11 سنة الأخيرة، إلا أن تحسن قدرة الجيش الإسرائيلي ـ الجو والاستخبارات الدقيقة والتكنولوجيا ومؤخرا التدريب البري ـ أكبر. إذا أخطأ حزب الله في تفكيره بأن إنجازاته في الحرب في سورية تعده للنجاح أيضا في مواجهة إسرائيل فهو سيدفع ثمنا باهظا عن ذلك.

في خلفية المناورة توجد تغييرات دراماتيكية في الواقع الإقليمي. الحرب في سورية بعيدة عن نهايتها، لكن نظام الأسد تم إنقاذه من الهزيمة بفضل التدخل الروسي والإيراني وبمساعدة كبيرة من حزب الله، التي أوقفت تقدم المتمردين، وفي الأشهر الأخيرة أعادت للنظام السوري مناطق أساسية.

المخابرات الإسرائيلية ما زالت تجد صعوبة في تقدير كيفية تصرف روسيا في حالة حدوث حرب مع حزب الله. سورية، موسكو وحزب الله موجودان في المعسكر نفسه الذي يدعم نظام الأسد. ولكن روسيا تحتفظ بقناة مفتوحة وودية جدا مع إسرائيل.

في وقت الحرب من شأن روسيا أن تحاول صد إسرائيل عن مواصلة مهاجمة حزب الله، لكن في الوقت عينه ربما روسيا (في الواقع الذي يزداد فيه ويتعاظم التدخل والنفوذ الإقليمي للولايات المتحدة) تستطيع تقديم المخرج السياسي من الأزمة.

في الأسابيع الأخيرة نشرت بيانات ظهرت للمرة الأولى في آذار الماضي، حول جهود إيران وحزب الله لإقامة مصانع لإنتاج الصواريخ الدقيقة في لبنان. إن اقتراب هذه المنتوجات الخطرة من المنتج إلى المستهلك يقلق إسرائيل، لكن يبدو أن هناك مبالغة ما في وصف اقتراب زمن التهديد. والآن، التحذيرات الإسرائيلية ردعت إيران، ومطلوب من إسرائيل الاستمرار في الدمج بين الإعلانات العلنية والضغط السياسي، وفي حالة الضرورة عمليات إحباط «من تحت الرادار» من أجل إبعاد تحقيق هذا التهديد.

في مشاكسة من مشاكسات تويتر التي تجري هنا صبح مساء برزت أمس مطالبة من هامش اليمين بفتح تحقيق بشأن رئيس الموساد المتوفى مئير دغان، الذي تم الادعاء بأنه ارتكب مخالفة خيانة في اتصالاته مع الأمريكيين بشأن مخطط إسرائيل لمهاجمة المنشآت النووية في إيران. قرار آيزنكوت تسمية المناورة «ضوء دغان»، الذي كانت آخر مهماته قيادة المنطقة الشمالية، تم اتخاذه قبل وقت كبير من العاصفة الضعيفة الجديدة. ومع ذلك يوجد في القرار هدية جيدة لشخص وطني حقيقي، الذي طبقا لمصادر أجنبية، شارك بشكل ناجع ومهم في قرارات حكومة أولمرت التي سبقت الهجوم في سورية قبل عشر سنوات.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى