بقلم غالب قنديل

سورية القوية وخيبة العدو

غالب قنديل

بات فشل العدوان الاستعماري على سورية حقيقة معترفا بها سياسيا في العديد من مواقع القرار الدولي والإقليمي وكالعادة يتنبه الصهاينة قبل سواهم إلى المخاطر بعدما كشفت الأحداث كونهم الجهة الرئيسية المخططة للعدوان على سورية.

اولا سقط في العدوان على سورية خداع افتراضي تحدث عنه المحللون طويلا عندما روجوا لفكرة استحالة تعايش الكيان الصهيوني مع عصابات التكفير الإرهابية على الجبهات المحيطة بفلسطين المحتلة .

كشفت خطوط الدعم والمساندة العسكرية والمخابراتية عبر خط فك الاشتباك في هضبة الجولان الكذب والخداع في تلك التنظيرات والوقائع المتراكمة خلال سنوات الحرب على سورية تفضح حقيقة تعامل القاعدة وداعش مع الموساد وقد برزت كمية هائلة من المعلومات التي ترجح صحة الفرضيات عن علاقات عضوية لتل أبيب بإرهابيي القاعدة وداعش وتنسيقها المحكم مع المخابرات السعودية والقطرية والأردنية في استيلاد تلك الجماعات وتحريكها على الأرض السورية بل والتدخل العسكري المباشر لصالحها بقصف مدفعي وجوي لمواقع الجيش العربي السوري خلال اشتباكه مع عصابات الإرهاب او تمهيدا لاقتحامها من قبل القاعدة وداعش بصورة سافرة او خلال مرحلة التخفي تحت رايات ومسميات أخرى.

ثانيا تبدو اليوم هزيمة الإرهابيين في سورية على أنها هزيمة مبرمة للكيان الصهيوني وحيرة نتنياهو امام الاتفاقات الروسية الأميركية تفصح عن حقيقة صارخة هي كون الكيان الصهيوني الخاسر الأكبر من دحر عصابات التكفير في العراق وسورية ولبنان.

بكل صراحة يعبر الصهاينة عن ذعرهم من فتح الحدود العراقية السورية وقد شكل السعي لمنع تواصل سورية والعراق ثابتا رئيسيا في الخطط الاستعمارية التي واكبت اغتصاب فلسطين وإنشاء الكيان الصهيوني وكان هذا الأمر خطا احمر لحماية الكيان وهذا ما يفسر الخشية من قوة الحشد الشعبي العراقي إلى جانب الخوف المتجدد من صعود قوة حزب الله ومن مفاجأة التحول الكبير في قدرات الجيش العربي السوري ونهوض الدولة الوطنية السورية ومعها سطوع زعامة الرئيس بشار الأسد في المنطقة وهذه الأمور بات الخبراء الصهاينة يعاملونها كوقائع قائمة بنتيجة التحولات الميدانية وليس فحسب كآفاق محتملة للمخاض الكبير الذي تشهده المنطقة.

ثالثا أشار الخبير البريطاني ألستر كروك إلى هذه العوامل في شرحه لأسباب ذعر نتنياهو الذي وصفته البرافد الروسية غداة اجتماع رئيس وزراء العدو بالرئيس فلاديمير بوتين محاولا طلب ضمانات ضد تواجد حزب الله وما يسميه بالنفوذ الإيراني في سورية وقد عاد خالي الوفاض خائبا مما سمعه من القائد الروسي عن حزب الله قاهر الإرهابيين وعن الحليف الكبير الرئيس بشار الأسد وعن إيران شريكة روسيا الاستراتيجية والحصيلة ان على الدولة العبرية التكيف مع الوقائع الجديدة.

يتحدث كروك عن مخاوف إسرائيل لو وقعت حرب جديدة حيث قد يكون العراق وحشده الشعبي طرفا فيها وستكون سورية وحزب الله وربما الجيش اللبناني معه أيضا على خط الجبهة فقوى 14 آذار تبدو عاجزة عن تعديل الواقع اللبناني رغم المحاولات السعودية الحثيثة وفي ظل التسليم الأميركي بالعجز عن قلب المعادلات القاهرة منذ قدوم الروس إلى سورية وشراكتهم الوثيقة مع دمشق وطهران وهذا ما لمسه وفد الموساد في واشنطن.

رابعا اعتبر العديد من المحللين في الصحف الصهيونية أن الصفعة التي تلقتها تل أبيب بهزيمة داعش والقاعدة وعصابات ما يسمى بالثورة السورية أعنف مما جرى في تموز 2006 عندما هزمت إسرائيل امام حزب الله.

راهن الصهاينة على فرط الدولة السورية الوطنية وعلى الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وعلى استنزاف حزب الله في الميدان السوري وتأليب اللبنانيين عليه وعزله بقوة العقوبات الأميركية والخليجية وبتحريض سعودي خليجي لم ينقطع بل إن أصداءه حاضرة في بعض المواقع السياسية والإعلامية اللبنانية التابعة لكن الوقائع المتراكمة تشير إلى ان سورية تتحضر لنصر كبير يلتقي في صنعه الجيش العربي السوري والمقاومة الللبنانية ويفرض الاعتراف بجدارة قائدين كبيرين في الشرق العربي هما الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصرالله وكلاهما يمثلان أسوا كوابيس نتنياهو الذي يعرف معنى تاكيد الأسد على استرجاع كل حبة تراب سورية وهو يقصد الجولان قبل غيرها وكذلك يعرف ما يرمز إليه طلب السيد نصرالله مؤخرا من الحكومة اللبنانية وضع خطة لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

هل يفتح المأزق أبواب المغامرة المجنونة قبل اكتمال نصر محور المقاومة بحرب ستحرق الكيان الصهيوني عن بكرة أبيه ؟ كل الاحتمالات يجب ان تبقى على الطاولة في مرحلة دقيقة وحاسمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى