الثلاثيّ الذهبيّ: عون وبري ونصرالله
ناصر قنديل
– في كلّ معضلة حطّت على لبنان وكانت خطة إسقاطه محققة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبعدها حرب تموز 2006، يظهر الثلاثي الذي يشكله الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله كبوليصة تأمين وطنية بوجه مخططات التخريب والإضعاف والتهوين والفتن، والتباينات أو التمايزات وحتى الخلافات بين الرئيسين عون وبري في محطات مختلفة من عمر السنوات العشر الماضية لم تستطع أن تجعلهما يبتعدان عن سلوك الخيارات الوطنية الكبرى ذاتها في اللحظات الصعبة والحرجة كلّها التي واجهها لبنان والمخاطر التي تعرّض لها .
– في حرب تموز كان حزب الله في خطوط القتال، والسيد حسن نصرالله يقود الحرب، وكان الرئيسان عون وبري جبهة الحماية السياسية والشعبية لظهر المقاومة، وكان بري لسان حالها في التفاوض، بينما كان عون محاميها الأول. وفي النصر الذي حققته المقاومة كان شريكا النصر، شريكين في صيغة التحالفات ما بعده، فكان الاعتصام الشعبي الممتدّ لعام ونصف العام تقريباً طلباً لحكومة وحدة وطنية يحميها الثلث الضامن، وصولاً لاتفاق الدوحة.
– في الاستحقاق الرئاسي ورغم ما باعدته الحسابات ظاهراً وشكلاً بقي الموقفان حتى الخواتيم السعيدة يحفظان التباينات تحت سقف الموقف الواحد، فلا يرد عند الرئيس بري خذلان حزب الله بالانفراد بخيار، ولا يرد في حساب حزب الله خيار رئاسي عنوان الإجماع الوطني في تظهيره، ولا في حساب العماد عون رئاسة تبدأ عهدها بالتصادم مع زعامة شعبية وسياسية وموقع دستوري، بمثل ما يمثل الرئيس بري.
– في العلاقة بسورية وقف أركان الثلاثي الذهبي متمسكاً بالدفاع عن دولتها المدنية الحامية للعيش المتعدّد، ومع رئيسها المتمسك بخيار الاستقلال الوطني وحماية المقاومة، وجيشها المواجه لخطر الإرهاب. وإذا كان حزب الله قد ترجم هذه المواقف بقتال وتضحيات كلفت نهراً جارياً من الشهداء، فإنّ كلاً من الرئيسين عون وبري بقيا ثابتين على الموقف نفسه في أحلك الظروف وأشدّها قسوة على سورية وصمدا بوجه الترهيب والترغيب اللذين استهدفا دفعهما لتغيير المواقف وتعديلها، وعلى ثباتهما سقطت أوهام كذبة النأي بالنفس المشؤومة، وحفظت معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
– في الحرب على الإرهاب عندما دقّ باب لبنان، قدّم عون وبري الغطاء الشعبي والسياسي لمشاركة حزب الله في الحرب في سورية، وقدّماه كدفاع استباقي عن لبنان، وواصلا ذلك بقوة أشدّ عندما صار القتال في الأراضي اللبنانية، وفي الفصل الأخير من الحرب من جرود عرسال إلى جرود القاع ورأس بعلبك وصولاً للقلمون، كانا صوت المقاومة الصادح ودرعها الواقي بوجه حملات التشكيك ومحاولات الطعن.
– اليوم سيلتقي جمهور الثلاثيّ الذهبيّ في مهرجان النصر الذي دعا إليه السيد نصرالله، ومعهم جماهير حزب الله والمقاومة والأحزاب الحليفة والشريكة في خيار المقاومة، وسيكون هذا الاحتفال محطة تاريخية في حياة لبنان بحجم الحشود والتي سيشهدها وتنوّعها وتنوّع بيئاتها الاجتماعية والثقافية مقدّماً صورة عن لبنان المقاوم رغماً عن أنوف مدّعي تمثيل الإرادة اللبنانية، ومن خلفهم الخارج الذي سيرى بالعيون المفتوحة حجم الحشود، والذين سيُدهشهم جميعاً الحضور ويقفون بذهول أمام حجم التمثيل الذي يفتحون معركتهم السياسية معه.