داعش وامريكا في سوريا: التطرف كسلاح ذو حدين: ايال زيسر
في يوم الاحد الماضي أكمل حزب الله والجيش اللبناني احتلال جرود عرسال الواقعة في شرق الدولة. وهي منطقة تبلغ مساحتها عدة مئات من الكيلومترات على الحدود السورية والتي سيطر عليها داعش وجبهة النصرة في السنوات الاخيرة كنقطة انطلاق لهجماتهم داخل لبنان. داعش تم طرده نهائيا من لبنان، وسارع نصر الله الى التفاخر بأن انتصاره هذا يشبه انسحاب الجيش الاسرائيلي أحادي الجانب من جنوب لبنان في أيار 2000. ولكن يجب الاعتراف بأنه كان لدى نصر الله سبب للاحتفال، حيث أن الانجاز في المعركة مع داعش عزز صورته في نظر اشخاص كثيرين في الدولة كـ “المدافع عن لبنان” أمام تهديد داعش وأمثاله .
قبل الاعلان عن النصر استطاع الجيش السوري بمساعدة روسياوايران السيطرة على المعاقل الاخيرة لداعش في غرب سوريا، ومحيط مدينة حمص ووسط الدولة ومحافظة السويداء في الجنوب. جيش بشار الاسد بدأ بشق طريقه نحو مدينة دير الزور، وهي من المدن الهامة في شرق الدولة.
من اجل اكمال الصورة ورد من بغداد في يوم الاحد أن الجيش العراقي استكمل احتلال مدينة تلعفر في غرب العراق. وهي آخر مدينة كان يسيطر عليها داعش في العراق.
إن حلم الدولة الاسلامية لداعش بدأ بالتلاشي. خلال بضعة اشهر انهارت الامبراطورية التي اراد اقامتها لنفسه والتي امتدت على مساحة بلغت مئات آلاف الكيلومترات. وهي مساحة اكبر من مساحة بريطانيا أو فرنسا. لقد قاد الى فشل داعش التطرف غير المسبوق الذي ليس له حدود، والذي أثار ضده، وبالاساس وحد ضده، العالم كله. ولكن النجاح في النضال ضد داعش يسجل كله لصالح الامريكيين. في النضال ضد داعش ظهرت عظمة واشنطن وضعفها. فمن جهة القدرة على تنفيذ وبصورة تثير الفخر عملية عسكرية معقدة، ولكن في نفس الوقت غياب استراتيجية شاملة لـ “ما بعد داعش” تضمن أن تعود ثمار النجاح للولايات المتحدة وحلفائها.
الامريكيون قاموا بالقصف من الجو ودمروا العديد من مؤسسات الدولة الاسلامية. والاهم من ذلك أنهم نجحوا في أن يجمعوا حولهم قوات محلية استطاعت بمساعدة الامريكيين تدمير نظام داعش. فقط بعد أن فقد داعش مراكز حكمه وانهارت دولته، حينها فقط نجح حزب الله والجيش اللبناني والجيش السوري ايضا في طرد مقاتلي داعش من تلك المواقع التي سيطر عليها في غرب سوريا وعلى الحدود اللبنانية.
هذه الحقيقة لم تقلق نصر الله وبشار الاسد وحتى حلفائهم للتفاخر بالانتصار على داعش وأن ينسبوه لانفسهم. بشار حتى تسامى على نفسه عندما زعم في خطابه في الاسبوع الماضي أن الامريكيين ليس فقط أنهم لم يساهموا في هزيمة داعش، بل أنهم يقفون من خلفه وكانوا مسؤولين عن تطوره.
لكن يتبين أنه ليس لواشنطن استراتيجية لليوم الذي يلي هزيمة داعش، وفعليا هي مستعدة لوضع سوريا في أيدي موسكو من اجل أن تضمن فيها الاستقرار والهدوء. هذا يبدو بثمن بقاء الاسد على كرسيه. طوال فترة الوجود الايراني في كل ارجاء سوريا، حتى لو لم يكن على حدود اسرائيل، فهو جزء من الصفقة الامريكية الروسية هذه. سقوط داعش لا يبشر بضرب الظل الذي يهدد الاردن واسرائيل، بل استبداله بظل آخر أكثر اهمية، وهو ظل ايران.
اسرائيل اليوم