فورين بوليسي: أين أصاب ترامب في السياسة الخارجية؟
قالت مجلة فورين بوليسي إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليس مخطئا في كل شيء، رغم أن إدارته تخسر موظفيها أسرع مما تخسره حظيرة ضأن في الصيف .
وأضافت أن بعض أفكار ترمب التي طرحها في حملته الانتخابية عام 2016، منها الحاجة إلى إعادة بناء البنية التحتية المتدهورة لأميركا، كانت صائبة، وأن بعض توجهات ترمب في السياسة الخارجية تبدو منطقية وإنْ أخطأ في إدارة التفاصيل. ومن أهم هذه التوجهات:
ترمب يعتقد أن تحسين العلاقات مع روسيا يصب في صالح الولايات المتحدة الأميركية، وقد قاوم توجهات مؤسسة السياسة الخارجية الرامية لشيطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ترمب لم يكن مخطئا في ذلك -تقول فورين بوليسي- لأن روسيا ليست المسؤولة الوحيدة عن تدهور العلاقات، كما أن المساعدة الروسية ذات قيمة كبيرة في أفغانستان وإيران وسوريا، وعلى المدى البعيد مع الصين.
لكن المجلة تقول إن ترمب أدار هذا الملف بأسوأ طريقة، إذ إنه رفض إدانة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية في أميركا وأوروبا، كما اتضح أن كبار معاونيه، بمن فيهم نجله ونسيبه جاريد كوشنر ومستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين، التقوا مسؤولين روسا، دون الكشف عن تفاصيل تلك اللقاءات.
إحدى أهم الأفكار الرئيسية التي طرحها ترمب هي أن الصفقات السيئة للتجارة سمحت لدول مثل الصين “بسرقة وظائف أميركية“.
لكن المشكلة أن أفكار ترمب لإصلاح نظام التجارة العالمي ليست ذات جدوى، وأنه تصرف بما يسهم في ضمور النفوذ الأميركي وتعقيد جهود الإصلاح، حيث انسحب منذ اليوم الثالث لتسلمه السلطة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي رغم أنها قد تساعد التجارة الأميركية عبر إيجاد ميدان مهم في آسيا.
وبدلا من أن يستغل أول ستة أشهر وهو في منصبه للحديث مع الصين عن القضايا التجارية، ركز على تحقيق أمل ساذج بأنه يستطيع تضيق الخناق على كوريا الشمالية عبر الحديث الطيب مع الصينيين.
وتخلص فورين بوليسي إلى أن ترمب كان صائبا في دعم جهود منتظمة لتحسين السياسة الاقتصادية الأميركية في الخارج، لكن تشخصيه للمشاكل كان خاطئا، وعلاجاته لن تجدي نفعا.
الرئيس الأميركي لم يكن مخطئا عندما قال إن الولايات المتحدة كانت تنفق أموالا كثيرة للدفاع عن شركائها الأثرياء، رغم أنه يعتقد -خطأ- أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) منتجع على أعضائه أن يدفعوا نفقاتهم.
لكن إذا أراد ترمب من الأوروبيين الأعضاء في حلف الناتو دفع المزيد من الأموال، فليس من الحكمة الإعلان عن زيادة كبيرة في ميزانية وزارة الدفاع الأميركية، وإذا ما أراد أن تبقى الدول الأوروبية قادرة عسكريا ومستقرة سياسيا فمن الصواب عدم دعمه لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
الرؤساء الأميركيون الثلاثة السابقون، بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما، كانوا يؤكدون علنا التزامهم بحل الدولتين، لكنهم لم يفعلوا أي شيء لوقف النمو الاستيطاني الإسرائيلي أو تغيير السياسات الإسرائيلية المحلية، فكانت النتيجة أن حل الدولتين ربما بات مستحيلا في الوقت الراهن.
لكن ترمب يبدو أنه أدرك أن عقارب الساعة توقفت عند هذه الفكرة عندما قال في إسرائيل “أنا أنظر إلى حل الدولتين وحل الدولة الواحدة، وأفضل ما يتفق عليه الطرفان“.
وأخيرا، فإن انتقادات ترمب للجهود الأميركية غير المجدية في “بناء الأمة” في أماكن مثل العراق وليبيا واليمن وجنوب السودان وكذلك في أفغانستان، كانت صائبة من حيث النفقات، مشيرة إلى أنه ليس هناك من سبب يدعو للاعتقاد بأن الجهود ستنجح وبتكلفة معقولة في المال والأنفس.
وتختم المجلة بأن كل دولار ينفق في الخارج يعني أنه لا يمكن استخدامه في الداخل أو يصل إلى جيوب دافعي الضرائب.