تل أبيب في مواجهة التحدي الاستراتيجي الأصعب: حميدي العبدالله
الحرب في سورية ضدّ الإرهاب وضدّ القوى الإقليمية والدولية التي سعت لإسقاط الدولة السورية توشك على نهايتها، إنْ لجهة القضاء على جميع المسلحين، وأخطرهم تنظيم داعش والنصرة وتشكيلات القاعدة الأخرى، أو لجهة اضطرار الجيوش الأجنبية التي دخلت سورية، وتحديداً القوات الأميركية والتركية إلى الانسحاب في نهاية المطاف لتدارك حرب إقليمية دولية كبرى، واحترام سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة .
لكن واقع ما بعد الحرب على سورية يختلف جذرياً عن واقع ما قبل الحرب، ولا سيما بالنسبة لـ«إسرائيل»، إضافةً إلى الدول الغربية ودول المنطقة المتحالفة مع الغرب.
بالنسبة لتل أبيب تواجه ما بعد الحرب جيشاً سورياً ضخماً سوف يخرج من الحرب وقد اكتسب خبرات متتالية لم تكن موجودة قبل الحرب التي استمرّت سبع سنوات تقريباً، كما أنه حدّث جزءاً من قواته وزوّده بأسلحة ما كانت متوفرة قبل الحرب. وتواجه تل أبيب أيضاً انتشاراً للمقاومة اللبنانية على جبهة تمتدّ من الناقورة في أقصى الجنوب اللبناني إلى حدود مدينة القنيطرة، مقاومة حصلت على أسلحة نوعية واكتسبت جميع فنون القتال، بما في ذلك تطهير مناطق واسعة من قوات تمتلك قدرات عسكرية باستثناء سلاح الطيران لا تختلف عن قدرات جيش العدو الإسرائيلي، كما أنّ العدو الذي حاربته المقاومة في سورية يمتلك دافعية للقتال تفوق كثيراً دافعية أفضل قوات النخبة في جيش الاحتلال الصهيوني.
تواجه تل أبيب في مرحلة ما بعد الحرب في سورية وجوداً عسكرياً إيرانياً داعماً لسورية والمقاومة لم يكن موجوداً بهذه القوة قبل الحرب.
كلّ هذه المعطيات تغيّر المشهد في المواجهة بين منظومة الممانعة والمقاومة، والكيان الصهيوني وداعميه تغييراً جذرياً، ولعلّ هذا ما يقلق قادة العدو، ويدفعهم للضغط على الولايات المتحدة للتورّط العسكري في حرب كبرى مدمّرة في مواجهة هذه القوى الثلاث في سعي لاحتواء خطرها الاستراتيجي وهذا القلق هو الذي يدفع قادة الكيان الصهيوني لبذل مساعي لدى موسكو لإقناعها بإضعاف وجود حزب الله وإيران في سورية، بل المطالب بإنهاء هذا الوجود بشكل كامل في إطار أيّ تسوية نهائية للأزمة في سورية.
لكن تل أبيب ليس لديها ما تقدّمه لموسكو لكي تتخلى عن حلفاء طبيعيين لها، ولن يكون بمقدور موسكو تغيير الواقع الجديد حتى لو أرادت، ولذلك ستذهب محاولات تل أبيب أدراج الرياح، وستظلّ وحيدة في مواجهة هذه التحديات الاستراتيجية الأصعب.
(البناء)