مقالات مختارة

حين تُشجع الحكومة الإسرائيلية المستوطنين على سرقة العرب: جدعون ليفي

 

المستوطنون في ضائقة، والقلب ينفطر. فحسب أقوال المحامي الخاص الذي استأجرته الدولة من أجل الدفاع عن آلاف السارقين والناهبين، وهذا أمر غريب بحد ذاته، فإن المستوطنين يعيشون في ظروف بائسة، وهذا يعتبر «مشكلة وطنية تقسم المجتمع»، وسأوضح: آمل أن يكون المستوطنون يعيشون في حالة كهذه، مثلما وصفها المحامي المستأجر، الذي هو بنفسه مستوطن ويخرق قوانين البناء، والذي يتقاضى راتبا محترما .

آمل أن يكون المستوطنون يعيشون في وضع عدم استقرار في منازلهم المسروقة وعلى الأرض التي قاموا بسلبها، لأنهم يستحقون ذلك. وآمل أيضا أن يكونوا يعيشون في ضائقة كهذه، وأن تتضعضع حياتهم إلى درجة أن يتنازلوا عن ممتلكاتهم التي سرقوها وأن يعيدوها إلى اصحابها. إن من يتسبب بالظلم الكبير جدا لأناس كثيرين جدا ولفترة طويلة جدا يستحقون أن يذوقوا طعم هذه المعاناة التي يتسبب بها الظلم. ربما تكون هذه هي الطريقة التي تؤدي إلى الاصلاح. ولكن هناك شك بأن يكون الأمر كذلك. إن صراخ من ضربني وبكى وسبقني واشتكى في المحكمة، الذي لا مثيل له في تاريخ القضاء منذ ادعاء قاتل والديه بأنه يتيم، يعتبر مرحلة جديدة في فقدان خجل الدولة وفي تاريخ ابتزاز المشاعر من قبل المستوطنين.

الرد الذي قدمته الدولة على الالتماسات ضد قانون المصادرة يعتبر نقطة تحول في تاريخ الاحتلال: دولة اسرائيل تريد رسميا إجراء تعديل على الوصايا العشرة وتعديل الوصية الثانية لتصبح «اسرق». ومن الآن السرقة مسموحة، بل تعتبر أمرا مرغوبا فيه، لأن السارقين يعانون.

وقريبا: إزنِ واقتل. إصلاح إسرائيلي في الوصايا. كما أن الدولة أعلنت أن الناس الوحيدين الذين يعيشون في المناطق هم يهود، والباقين غير موجودين أو أنهم ليسوا بشرا. إن ضائقتهم وكوارثهم ـ التي هي أصعب بكثير من ضائقة المستوطنين، التي حدثت بسبب جرائم برعاية الدولة ـ لا يتم التحدث عنها. حسب رأي الدولة، وليس حسب رأي المستوطنين فقط، فإن الأغلبية التي هي على حق في المناطق هي القائمة. فقط الأقلية السارقة. مشكوك فيه إذا كان في تاريخ الأبرتهايد في جنوب أفريقيا التماس كهذا. ومشكوك فيه أيضا أن يكون في النظام الظالم هذا تجاهل فاضح جدا للدولة لملايين الرعايا حتى لو كانوا من السود. ممثل الدولة، المحامي أريئيل أرنون، الذي تم التحقيق معه واتهم في قضية آري هارو، الذي جاء بدلا من المستشار القانوني للحكومة الذي رفض تمثيل الدولة، يمثلنا الآن جميعا.

ومنذ الآن يجب عليكم القول: أرنون هو محامينا. وهو محامي الدولة. وهو المحامي الشيطاني لإسرائيل. منذ الآن يجب علينا القول: جميعنا مستوطنون، جميعنا فوق أرض خاصة مسروقة، جميعنا نتحمل أخطاء الدولة. أرنون ادعى باسمي واسمكم واسم الدولة بأن المستوطنين الذين يعيشون على الأراضي المسروقة، يعيشون في ضائقة. وبسبب ذلك يجب تحليل تلك الأراضي. 3500 شخص من سارقي الأراضي، ليس فقط لا يقدمون للمحاكمة، بل يحظون بدفاع الدولة ويضعون أجندتها، بأن يكون هناك بكاء للأجيال.

لا، يا أرنون، إنهم لا يقسمون المجتمع، لأن معظم الإسرائيليين لا يهمهم مصيرهم. كما أنهم لا يستحقون دعمهم، إنهم ليسوا ضحايا، فقط ضحاياهم هم الضحايا. لا، ليس فقط الدولة هي المذنبة بخصوص مصيرهم، أخذوا مصيرهم في أيديهم عندما قرروا الاستيطان في أرض ليست لهم. لذلك فإن معاناتهم ليست معاناتنا، برغم أنها مفبركة تماما.

يصعب علينا معرفة ما ستفعله المحكمة بالنسبة لهذه اللائحة الشائنة، التي تم تقديمها من قبل الدولة. في محاكمة الاغتصاب المقبل، تستطيع الدولة استئجار خدمات أرنون من أجل الدفاع عن المغتصب، لأن حياته تدهورت بسبب الاغتصاب. كل إسرائيلي في رأسه عقل يمكن أن يسأل نفسه الآن: أين سيتوقف هذا؟ ومتى سنستيقظ؟ وزير الدفاع الذي في مستوطنته أصدر 155 أمر هدم، يمنع إقامة وحدة لتطبيق القانون: المحكمة ألزمت مواطنين بدوَا بتكاليف هدم منازلهم، في الوقت الذي تقوم فيه الدولة بتخصيص ربع مليار شيقل لمخلي عمونة.

رحمتك يا الله. ارحم المستوطنين وضائقتهم الكاذبة. ويفضل أن يرحم قليلا ضحاياهم ـ الفلسطينيين والإسرائيليين.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى