شؤون دولية

فورين بوليسي: تهديد أميركا يأتي من الأميركيين أنفسهم

قالت مجلة فورين بوليسي إنه كما يكافح العالم العربي من أجل التصدي “للجهاديين”، فشلت الولايات المتحدة في التصدي لشياطينها اليمينيين والعنصريين المتطرفين .

وأشار كاتب المقال إلى بعض محاولات التفجير الفاشلة السابقة التي قام بها بعض المتطرفين في مدينتي أوكلاهوما وكنساس على أمل إحداث فوضى تصيب الحكومة الأميركية بالشلل وتتسبب في إشعال ثورة داخلية.

وقال إن هذه الحوادث لم تلق أي تغطية إخبارية تذكر مقارنة بالتغطيات الضخمة التي تمت في هذه الأيام الساخنة حيث يسعى “الإرهابيون” لنشر الخوف والفوضى من مدينة أورلاندو الأميركية إلى باريس والآن برشلونة. وإذا سألت أي عربي أميركي أو مسلم في أميركا عن سبب عدم تغطية مثل هذه الحوادث المقززة فسيردون بهدوء: لأن المهاجمين المحتملين كانوا من البيض.

وتساءل الكاتب عن سبب عدم تلقي هذا التهديد المتزايد لتغطية مثل تغطية الهجمات التي نفذها “الجهاديون الإسلاميون” أو “الذئاب المنفردة المسلمة”؟ وقال إن الجواب يدخل في صلب ما يكافح من أجله كل مجتمع، ألا وهو الاعتراف بأنه يمكن أن يؤدي إلى إطلاق قوى الظلام، والتفسير البديل الذي لا يبدو منطقيا أن هذه المؤامرات تم تجاهلها لأنها فشلت.

وألمح الكاتب إلى تحذير مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي أي) بأن الجماعات العنصرية البيضاء نفذت بالفعل هجمات في السنوات التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر أكثر من أي جماعة محلية أخرى متطرفة، ومن المرجح أن تنفذ المزيد من الهجمات، ومع ذلك لم تلق هذه الهجمات التي تحدث بشكل منتظم اهتماما يذكر في وسائل الإعلام.

وتابع بأن الناس يفضلون الاعتقاد بأن الشر يأتي من الخارج وليس من الداخل، وأن القوميين والعنصريين البيض يعاملون على أنهم شيء لافت للنظر ويوصفون بالتأنق حتى في المجلات التقدمية، فمن الأسهل بكثير الاعتقاد بأن التهديد الحقيقي ينبع من الناس البعيدين الذين يتمنون الأذى للأميركيين ويهددون طريقتهم في الحياة، بدلا من طرح أسئلة صعبة حول مجتمعهم هم وقضاياه المعلقة.

وقال الكاتب إن هذا المعيار المزدوج في التغطية الإعلامية والخطاب السياسي، الذي يغذي الإسلاموفوبيا أيضا، قد تلقى الآن المزيد من الاهتمام في أعقاب أحداث شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، لكن الأمر استلزم هجوما مروعا بسيارة قتلت فيه امرأة ورجال بيض يحملون مشاعل وهم يرددون “اليهود لن يحلوا محلنا” لكي يلفت هذا التهديد بالإرهاب الداخلي انتباه الاهتمام الوطني.

وخلص الكاتب إلى أن الحقيقة المرة هي أن الذين يرتكبون الإرهاب في الداخل أو الخارج هم نتاج مجتمعاتهم، حتى ولو كانوا أقلية، وهم نتاج القضايا المعلقة والمشاكل المتأصلة التي تم التغاضي عنها.

وأضاف أن التركيز فقط على أعمال الإرهاب من قبل “الجهاديين” لا يغذي الإسلاموفوبيا فحسب، بل يجعل الناس يتجاهلون أيضا تهديد الإرهاب الداخلي من قبل العنصريين البيض، ولكن الكراهية هي الكراهية أينما ظهرت.

وكما يقول السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس “العنصرية وكراهية الأجانب ومعاداة السامية والإسلاموفوبيا تسمم مجتمعاتنا، ويجب أن نقف ضدها كل مرة وفي كل مكان“.

وختم الكاتب بأنه قد آن الآوان لأن ندرك أنه لا يوجد مجتمع بلا ظلمة وأن التهديد الأكثر خطورة الذي تواجهه الولايات المتحدة اليوم قد يكون من الداخل وليس من الخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى