على من ينتصر الأسد ؟
غالب قنديل
في المخاضات التاريخية الكبرى تنبثق الزعامات التاريخية التي تترك بصماتها في مصائر الشعوب والأوطان وإذا أردنا تكثيف الحرب على سورية لاختصرناها بالصراع بين الرئيس بشار الأسد وحلفائه وبين منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية في المنطقة وحيث يقود الأسد حربا وطنية للتحرر والاستقلال مستندا إلى الغالبية الشعبية السورية والدولة الوطنية والجيش العربي السوري وإلى شركائه في محور المقاومة وحلفاء سورية الكبار في خيار التصدي للهيمنة الأميركية على العالم.
العدوان الاستعماري الذي قاومته سورية وبذلت تضحيات غالية في مواجهته كان المحور الحاسم في حركة المشروع الإمبراطوري الأميركي للهيمنة على العالم بعد فشله في العراق وأفغانستان وإثر هزيمة حرب تموز في لبنان وقد اختبرت في الحرب العدوانية ضد سورية إمكانية تعويض عجز الكيان الصهيوني وهزائمه بالاعتماد على القوى التكفيرية الإرهابية التي حشدت من جميع انحاء العالم إلى سورية.
الكلام عن ملحمة صمود سورية وعن صلابة رئيسها في جميع أنحاء العالم بات التعبير الأكثر شيوعا عن حقائق الصراع وعن الخيبة الأميركية الصهيونية المتمادية خلال هذه السنوات التي شهد فيها الخصوم لجدارة هذا القائد الشجاع والمقدام الذي رفض التفريط بالاستقلال الوطني لبلاده واستطاع ان يفكك منظومات العدوان ويحاصر الخطط الاستعمارية ويعطلها وهو اظهر شراسة في خياره الاستقلالي التحرري وفي اعتناقه للمقاومة ولمركزية الصراع ضد الحلف الاستعماري الصهيوني وهو ما أظهره الأداء السوري في ادق تفاصيل التعامل مع الغرب الاستعماري والحكومات التابعة في المنطقة وكانت أبرز مزايا خطب الأسد وتصريحاته تمسكه بالهوية القومية العربية بدون تردد وبدور سورية الريادي والمحوري في الكفاح ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية.
في الأوساط الأشد عدائية لسورية ولرئيسها يسود ذهول وترقب نتيجة مؤشرات الانتصار السوري الساحق الذي يبدو وقد بات وشيكا فالمأزق كبير داخل محور العدوان الذي تشظى وعصابات الإرهاب مختنقة بتناقضاتها ومحاصرة بجميع مواردها بينما كانت مفاجأة الأسد هي النهوض السريع والمتعاظم لقوة الجيش العربي السوري وسلوك غالبية شعبية طرق مقاومة مشاريع التفتيت واستثارة العصبيات والانقسامات التي استهدفت سورية وأسقطها السوريون بمختلف ميولهم ومشاربهم شعبا ومؤسسات دينية متنورة بذلت الشهداء من صفوفها القيادية دفاعا عن ولائها الوطني الوحدوي وعن رفضها لعصابات التكفير والتوحش ولعملاء الغرب .
استطاعت سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد تحقيق شبكة من التحالفات القوية إقليميا ودوليا أسهمت في تعديل التوازنات وتكامل الأدوار والمواقف حول خيار احتضان خطط هذا القائد للدفاع عن سورية في السياسة والاقتصاد كما في الميدان.
أثبتت الدبلوماسية السورية منذ انطلاق العدوان صلابة نادرة وبدت بجدارة عصية على الاختراق والتخريب وهي لم تكن أقل مناعة من الجيش العربي السوري وقدمت مثالا يعتد به في معركة الدفاع عن الوطن وحين يتوجه الرئيس بشار الأسد إلى جناحه الدبلوماسي في معركة الدفاع عن الوطن فهو يخاطب قوة سورية حاسمة في المعارك المقبلة التي تهدف إلى تحويل الانتصارت العسكرية للجيش والقوات المسلحة إلى إنجازات سياسية واقتصادية ودبلوماسية تكمل مشهد الانتصار التاريخي ويمكن القول إن مضمون التوجهات التي بسطها الرئيس الأسد تعبر عن سياسة الجمهورية العربية السورية ومبادئها في التعامل مع سائر الدول بأولوياتها الوطنية التحررية التي تستمر محاربة العصابات الإرهابية في قلبها بينما فلسطين في مركزها المتقدم وحيث يختصر تعبير التوجه شرقا ثقافيا وسياسيا واقتصاديا الصياغة الدقيقة لموقع سورية على خارطة العالم كقوة مناهضة للهيمنة الاستعمارية.
هذه المباديء كانت حاضرة فكريا وسياسيا في خطاب الزعيم السوري المقاوم خلال السنوات الماضية لكنها تعززت وتأصلت في معمودية تاريخية صعبة وشاقة دفاعا عن استقلال سورية ودورها ويمكن لجميع الخصوم والضالين ان يتوسعوا في توقعاتهم لما سيظهر عليه الدور السوري الإقليمي والدولي في صلب القوة الشرقية الناهضة التي اظهر الرئيس الأسد امتنانا كبيرا لما قدمته لسورية في أصعب الظروف وهو ما كان استثمارا في الدفاع عن القيم والمباديء الاستقلالية المناهضة للهيمنة الاستعمارية التي تجمع الجمهورية العربية السورية وجميع شركائها روسيا والصين وإيران وحزب الله وغيرهم ممن امتلكوا القدرة على إدراك جوهر العدوان على سورية ولم ينخدعوا بالأقنعة التي ألبسها الغرب الاستعماري لخططه المدمرة.
جبهة الخاسرين الممتدة من واشنطن وتل أبيب مرورا بالحكومات التابعة في اسطنبول والدوحة والرياض هي الحلف المهزوم امام القلعة السورية الصامدة وقائدها البطل الذي لم ينطل عليه ولا للحظة خداع الأقنعة والقفازات المستعملة في استراتيجيات الحرب بالواسطة وهو الذي دمر البيئة الافتراضية للدعاية الأميركية الكاذبة وأبواقها في العالم والمنطقة وفككها فقدم نموذجا متفوقا في معركة الوعي وبلورة الإرادة الوطنية الاستقلالية لسورية وخط بذلك صفحة جديدة في تاريخ الشرق والعالم كله.