صحف اميركية: لماذا تراجعت بيونغ يانغ عن تهديد غوام؟
تناولت صحف أميركية التوتر المتصاعد بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وتساءل بعضها عن سر تعليق بيونغ يانغ لخطتها لقصف جزيرة غوام الأميركية، بعد فترة من التراشق الكلامي والتهديدات المتبادلة بين زعيمي البلدين .
فقد تساءلت مجلة “ذي أتلانتك” عن أسباب تراجع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون عن تنفيذ خطته لاستهداف جزيرة غوام في المحيط الهادي بالصواريخ، وذلك بعد أن سادت موجة من القلق أنذرت باندلاع مواجهة عسكرية بين البلدين، في أعقاب التهديدات المتبادلة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي.
وقالت أيضا إن هذا التراجع من جانب بيونغ يانغ قد يعني أن حدة التوترات مع واشنطن قد تضاءلت أو أنها تأجلت إلى وقت معين على أقل تقدير، وتساءلت عما إذا كانت هذه التهديدات مبالغا فيها من الأصل.
وأشارت إلى أن وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أعلنت أمس أن كيم اتخذ هذا القرار بعد اجتماعه مع القادة العسكريين، لكنه حذر من أنه سيأمر بتنفيذ الخطة عبر إطلاق صواريخ “هواسونغ 122” ضد جزيرة غوام، وذلك إذا ما ازدادت الولايات المتحدة تهورا.
وأضافت المجلة أنه برغم التهديدات المتبادلة، فإنه يبدو أن الولايات المتحدة انخرطت في دبلوماسية القناة الخلفية مع نظام كيم لدى الأمم المتحدة، وأن مندوبين عن الطرفين كانا يناقشان قضايا تتعلق بالأميركيين المحتجزين لدى كوريا الشمالية وكذلك شأن العلاقات بين البلدين.
وأشارت إلى تصريحات لكل من وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس في صحيفة وول ستريت جورنال، المتمثلة في القول إن أميركا تريد حلا دبلوماسيا للتوترات، والتأكيد على أن واشنطن لا تسعى إلى تغيير النظام في بيونغ يانغ.
من جانب آخر، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مقالا للكاتب مارك هيلبرين قال فيه إنه يمكن للولايات المتحدة حل الأزمة مع كوريا الشمالية، وذلك من خلال الضغط على الصين “وإعادة بناء قواتنا المسلحة“.
وأضاف الكاتب أن كيم يسعى من خلال تطوير ترسانته النووية إلى تشكيل أدوات ردع للقوة الأميركية في شبه الجزيرة الكورية والعمل على إخراجها منها نهاية المطاف. وأشار إلى أنه من غير المرجح أن يبادر الزعيم الكوري الشمالي إلى مهاجمة أميركا قبل أن يكون قد أكمل استعداداته النووية بشكل موثوق.
وقال أيضا إن كوريا الشمالية أجرت العديد من التجارب على الصواريخ البالستية ولكن ليس بالشكل المكثف، وإن الكثير منها لم يثبت أنها كانت تعمل بشكل جيد، وأضاف أن لدى اليابان والولايات المتحدة طبقات متعددة من الدفاعات الجوية المتوسطة والبعيدة المدى.
ودعا الكاتب الولايات المتحدة إلى محاولة الضغط على الصين باعتبارها الدولة القادرة على التأثير على كوريا الشمالية.
وقال الكاتب إنه إذا يمكن للرئيس التخلي عن اللهجة القاسية والتحول إلى الكونغرس وأن يطلب منه زيادة تمويل الجيش، وذلك لتصحيح التدهور الذي أصاب القوة العسكرية الأميركية منذ زمن بعيد.
وأضاف أنه إذا ما استجاب الكونغرس لطلب الرئيس ترمب بحماس كما ينبغي له أن يفعل، فإن كلا من الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران سوف ترى أن العملاق قد استيقظ.
وتحدث الكاتب بإسهاب عن المجالات المتعددة التي يمكن أن يشهد فيها الجيش الأميركي تطويرا وتحديثا، وذلك حال حصوله على التمويل اللازم والمناسب.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للكاتب ديفد إغناشيس أشار فيه إلى توقف التهديدات المتبادلة والتراشق اللفظي في ما بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وتساءل عن الخطوة التالية المحتملة.
وقال إن المسؤولين الأميركيين يتساءلون ما إذا كان كيم يرغب في إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن، وذلك بشأن عقد اتفاقية رسمية تحل محل اتفاقية هدنة أبرمت عام 1953 لإنهاء الحرب في شبه الجزيرة الكورية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تتبع مسارا مزدوجا في هذا السياق، وأن أحدهما ينذر بالمواجهة العسكرية شبه المؤكدة في ظل الصواعق اللفظية التي يلقي بها ترمب، وأن المسار الثاني يسعى إلى استقرار شبه الجزيرة الكورية المنزوعة من السلاح النووي.
وقال كذلك إن الدهاء الدبلوماسي في هذه الحالة يكمن في ضرورة تطمين كل من كوريا الشمالية والصين وكوريا الجنوبية واليابان في الوقت نفسه بأن مصالحهم الحيوية ستكون محمية.
وأشار الكاتب لتصريحات تيلرسون وماتيس بهذا الشأن، وقال إنهما حثا كوريا الشمالية على اتخاذ طريق جديد نحو السلام والازدهار والقبول الدولي، أو أن تستعد لمواجهة عزلة دولية متزايدة.