الاشتياق لكسينجر: العالم بحاجة إلى التهدئة: يوسي بيلين
الأمر الذي سبب لي القلق في نهاية الأسبوع الماضي هو مقابلة مع مراسل الـ«سي.ان.ان» الذي سافر إلى جزيرة غوام، وهي جزيرة بسيادة أمريكية وتهددها كوريا الشمالية. مقدمة نشرة الأخبار التي كانت تجلس في الاستوديو في أتلانتا سألت المراسل عن الوضع في الجزيرة الصغيرة الذي احتل العناوين الرئيسة في نشرات الأخبار. ولم تكن لدى المراسل معلومات كثيرة عن الجزيرة .
وقد أشار بأصبعه إلى ملعب لكرة السلة ظهر من خلفه وقال: «قوموا بالحكم بأنفسكم، الوضع طبيعي وروتيني».
وقد دل هذا القول على شيء ما. فلو أنه كان يوجد تهديد جدي على غوام لكان الأولاد جلسوا في البيوت والملاجئ (هذا إذا وجدت ملاجئ أصلا)، ولكانوا انتظروا بصبر صواريخ كيم جونغ أون (التقليدية).
الأشخاص الموجودون في مركز العاصفة هم آخر من يمنحون الشعور الموضوعي بخصوص حجم الخطر. الأشخاص الذين يعيشون قرب البركان يستمرون في غسل ملابسهم والعمل في أراضيهم. وهذا لا يعني أن اللهب لن يصيبهم خلال ساعات معدودة. هذا هو الرد الإنساني المتوقع. غالبية الأشخاص لا يعرفون كيفية الحذر من الوضع السيئ، وكيفية الانتقال بسرعة من حالة الهدوء الممل إلى حالة الاستعداد للكارثة. من يحبون كرة السلة في غوام هم آخر من يبلغ العالم عن حجم الخطر الذي ينبع من تهديدات رئيس كوريا الشمالية، وهو خطر حقيقي.
من ملعب الغولف في نيوجرسي يقوم زعيم العالم الحر ببث الحر من تصريحاته، ويهدد برد غير مسبوق على الخطوات التي تقوم بها كوريا الشمالية. هو يدرك بالطبع أن التهديدات التي يوجهها ليست مجرد أقوال، وإذا لم يتم تنفيذها فسيلحق الضرر بقوة الردع الأمريكية. أما تنفيذها فسيجر العالم إلى صراع ومواجهات عنيفة.
لقد أعلنت الصين أنها ستدافع عن كوريا الشمالية في حال تعرضها للهجوم. وروسيا لن تستطيع الوقوف جانبا لفترة طويلة، والناتو سيضطر إلى مساعدة القوة العظمى الوحيدة في العالم، والدوامة قد تجر وراءها العالم كله مثلما حدث في أكثر من مرة في القرن الماضي، وبعد ذلك عندما سيرغب التاريخ والمحللين في تحليل الأحداث التي سبقت المواجهات، سيسألون أنفسهم كيف لم ينجح العالم المتنور في وقف التصعيد في مرحلة مبكرة، وكيف لم يتم منع الكارثة المتوقعة مسبقا، وكيف وجد المجربون والحكماء أنفسهم ينجرون خلف أشخاص أقل حكمة وأقل تجربة منهم، الأمر الذي أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى.
من باستطاعته الآن السير بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة؟ ومحاولة الفهم إذا كان يمكن التوصل إلى حل يضمن الوقف الكامل لتجارب كوريا الشمالية، وإنهاء الحصار المفروض على هذه الدولة الفقيرة؟ ومن باستطاعته عقد مؤتمر دولي بمشاركة الولايات المتحدة والصين وغيرهما من أجل الضغط على كوريا الشمالية التي تبدو مثل «الفأر الذي يزأر»؟ إذا كانت الأقوال حول سماع الرئيس ترامب لنصائح هنري كيسنجر، صحيحة، فيحتمل أن تكون هذه اللحظة المناسبة من أجل تجنيد وزير الخارجية المسن، ووضع طائرة فيدرالية تحت إمرته وإرساله إلى الرحلة الأهم في حياته.
هآرتس