السيد فضل الله: لمعالجة قضية زيارة الوزراء لسوريا من داخل الحكومة بعيدا عن التجييش الإعلامي
ألقى السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية :
“في البداية، تطل علينا في الرابع عشر من شهر آب الذكرى الحادية عشرة للانتصار الذي تحقق في العام 2006، والذي جاء، كما أكدت الوقائع، نتيجة للتلاحم الذي ظهر بين الجيش والمقاومة والشعب اللبناني بكل أطيافه ومذاهبه. لقد استطاع اللبنانيون بفعل هذا التلاحم أن يحققوا هذا الإنجاز، وأن يفشلوا الأهداف التي أرادها العدو الصهيوني من خلال عدوانه، وأن يجهضوا المشروع الذي كان يرسم آنذاك للمنطقة، والذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية، عندما أعلنت أن لبنان سيكون البداية لمشروع شرق أوسط جديد. ونحن اليوم إذ نتقدم مجددا بالتهنئة لصانعي هذا الانتصار، وبالتقدير والإجلال لكل التضحيات التي بذلت لبلوغه، وكثيرة هي هذه التضحيات، فإننا ندعو إلى أن تساهم هذه المناسبة في إنعاش ذاكرتنا بكل صور البطولة والإقدام والتضحية التي نقلتها الأقلام والصور والشاشات في ذلك الوقت، لا لكي نزهو بتلك الإنجازات، أو لنعيش عليها، أو لندخلها في بازار الصراع الداخلي، بل لتعزز فينا الأمل، وتزيدنا وعيا وإحساسا بضرورة الحفاظ على كل ما ساهم في تحقيق هذا الانتصار، بأن لا نفرط فيه، كما قد يسعى إلى ذلك البعض، فبذلك نواجه التحديات التي لم تقف حتى اليوم، فالعدو الصهيوني الذي هزم في العام 2006، وقبله في العام 2000، لن يهدأ حتى يثأر لهزيمته، ويعيد الاعتبار لمعنويات جيشه الذي تعرض للذل في لبنان ولسمعة دباباته وقواه”.
ودعا لان “نعد العدة لمواجهة المشاريع التي لا تزال ترسم للمنطقة، فمشروع الشرق الأوسط الجديد قد انتهى بثوبه القديم، ولكنه عاود الظهور بلبوس جديد، من خلال كل هذه الفوضى التي تستعر في المنطقة، والتي يراد من خلالها أن يرسم شرق أوسط جديد، لا حول فيه ولا قوة إلا للكيان الصهيوني، الذي يراد له أن يكون هو الأقوى في المنطقة، وأن يكون سيدها”.
أضاف: “في هذا الوقت، يستعد الجيش اللبناني ليقوم بدوره الأساس في مواجهة الإرهاب المتبقي على الحدود الشرقية، ونحن على ثقة بأن الجيش اللبناني يمتلك كل المقومات والقدرات التي تؤهله لإنهاء هذه الظاهرة الشاذة التي عبثت بالأرض والإنسان، إن أعطي القرار السياسي الوطني الذي يجعله حرا في اتخاذ القرار المناسب. وهنا، نؤكد ضرورة أن يكون له هذا القرار، فلا يقيد بقيود تجعل مهمته صعبة ومعقدة. لقد كانت المشكلة دائما، لا في قدرات الجيش وإمكاناته، فالجيش يمتلك كل الأهلية لذلك، بل لعدم وجود القرار السياسي الموحد، وجعله مشرعا على رياح المصالح الإقليمية والدولية، وغالبا على حساب مصلحة هذا الوطن”.
وتابع: “على صعيد آخر، يستحكم الجدال بين القوى السياسية المتمثلة في الحكومة حول الموقف من نية بعض الوزراء زيارة سوريا، إذا كانت ستتم بصفة وزارية أو شخصية. إننا نأمل أن تعالج هذه القضية، ككل القضايا، من داخل الحكومة، لكن بعيدا عن التجييش الإعلامي والانتخابي، وبروح المسؤولية الوطنية التي تأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية التي نراها تستدعي هذا التواصل عندما تكون هناك قضايا مشتركة، سواء أمنية أو اقتصادية أو سياسية أو في ما يتصل بمسألة النازحين، مما لا يمكن معالجته من طرف واحد أو إبقاؤه خارج المعالجة”، مسجلا “الموقف الإيجابي لرئيس مجلس الوزراء، عندما طلب إخراج هذا الأمر من دائرة السجال داخل المجلس”.
وقال: “نبقى في لبنان، حيث لا يزال السجال حول سلسلة الرتب والرواتب وتداعياتها على الاقتصاد والخزينة والمواطنين اللبنانيين والأقساط المدرسية وغير ذلك. إننا لا نريد لهذه القضية أن تدخل في التطييف أو في التسييس أو في الصراع السياسي، بل أن تعالج على قاعدة التوازن بين حقوق الموظفين المشروعة وتأمين موارد لها لا تلقي بثقلها على الاقتصاد، وعلى المواطنين اللبنانيين، ولا سيما الطبقات الفقيرة منهم، فلا ينبغي أن تحل أزمة موظفين، وتحدث أزمة أخرى غيرها”.
ورأى “أهمية دعوة رئيس الجمهورية للاجتماع لمعالجة هذه القضية، لتعالج بأبعادها كافة، وبروح موضوعية ومسؤولية، فلا تؤدي إلى شرخ جديد، لا نريده بين مؤيد للسلسلة ومعارض لها، أو بين مؤيد للضرائب الجديدة ومعارض لها. إن اللبنانيين يتوقون في هذا البلد إلى دولة تفكر في حاجات مواطنيها، وتعمل لمعالجة الخلل من جيوب الفاسدين لا من جيوبهم، حتى لا تزيد إحباطهم، وتجعلهم يفكرون في أن يهيموا في بلاد الله الواسعة”.