بقلم غالب قنديل

قيادة الجيش تقرر فاصمتوا !

غالب قنديل

أمراض الواقع السياسي والإعلامي في لبنان كثيرة وأخطرها استباحة شؤون وقضايا تعتبر في جميع دول العالم على اختلاف انظمتها السياسية وتشريعاتها من المحرمات الوطنية والسيادية التي لا يجوز وضعها في التداول بخفة وبحثا عن السبق العابر أوالإثارة الجماهيرية ومآثر بعض اللبنانيين في هذا المجال قياسية وكادت غير مرة ان تشعل حرائق مدمرة في خدمة نكايات وتصفية حسابات سياسية بطرق غير اخلاقية وغير مسؤولة عبر بعض التصريحات والمواقف والحملات الإعلامية وحيث لا ينفصل تورط بعض وسائل الإعلام عن الارتباطات الخارجية او التخندق الداخلي لرعاتها من النادي السياسي.

اولا من المفترض ان تحرير الجرود الشرقية المحتلة هو مهمة وطنية سيادية أنجزت المقاومة شطرا منها بالتعاون مع الجيش العربي السوري من الجهة السورية للجرود الممتدة في أعالي القمم بين البلدين وكذلك مع الجيش اللبناني الذي ساهم فيها مباشرة وكان دوره رئيسيا في التحضيرات الميدانية بضرباته الاستباقية وفي التمهيد الناري والأمني لعمليات المقاومة التي اتسمت بالقوة والسرعة وتكاملت مع المسار التفاوضي الذي قاده باسم الدولة اللبنانية اللواء عباس ابراهيم الذي يكرس اتصالاته راهنا تمهيدا واستكشافا للتفاوض المحتمل حول الأسرى الذين تحتجزهم عصابة داعش وكذلك لبلورة فرص الترحيل المحتمل لمن يستسلم من مسلحي هذه العصابة كنتيجة لعمليات التحرير ومن الواضح أيضا في المعلومات ان جانبا من هذه الاتصالات يتناول آلية التنسيق المناسبة بين الجيش اللبناني والجيش العربي السوري في إدارة العمليات في الميدان من المقلبين اللبناني والسوري وهو ملف نال عناية خاصة وصامتة من قيادة المقاومة خلال السنوات الماضية وحتى اليوم.

ثانيا يجب تذكير طابور النفاق والفجور بمناسبة ما يثيره من اعتراضات على التنسيق مع سورية بخصوص عملية تحرير الجرود من داعش أنه وخلال معارك نهر البارد التي دامت لفترة زمنية امتدت اكثر مما كان متوقعا لدى قيادة الجيش كانت نسبة كبيرة من الذخائر الأميركية المرسلة للجيش اللبناني غير صالحة للاستخدام واضطرت قيادة الجيش في نهاية المطاف إلى طلب النجدة من سورية التي أرسلت كميات مهمة من الأسلحة وقطع الغيار والذخائر وقامت بصيانة بعض الآليات والأسلحة وبإرسالها للجيش اللبناني خلال المعركة ولولا هذه المساندة السورية لتعذر على الجيش اللبناني أن ينجز المهمة كما أراد ويومها لم تنتظر قيادة الجيش إذنا من أحد أمام الضرورات العملية للميدان وكانت يومها حملات التحريض والكراهية ضد سورية ودولتها الوطنية وجيشها أعلى بمعدلات قياسية مما هي عليه اليوم ولكن قيادة الجيش اللبناني أدارت ظهرها لكل ما تردد في تصريحات ومقالات متطفلي السياسة والإعلام الذين يتناولون اليوم قضية تحرير الجرود ويتاجرون بها.

ثالثا ما تمليه ضرورات الإنجاز العسكري لتحرير الجرود تعرفه قيادة الجيش اللبناني وهي تعرف المطلوب لتحقيقه وهي تعرف أيضا كيف تحدد ساعة الصفر التي يحولها المتطفلون إلى موضوع للنقاش الإعلامي والسياسي ومن شأن قيادة الجيش تحديد آليات التنسيق والعمل المشترك مع المقاومة وهي تعمل معها من خلال منظومة قائمة وفاعلة ومتطورة منذ ما يزيد على ربع قرن من الزمن وقد أثبتت فاعليتها وجدواها في مثل هذه الأيام خلال حرب تموز وكانت من أبرز عوامل القوة التي جعلت الانتصار ممكنا في الحرب دفاعا عن لبنان وكذلك لقيادة الجيش ان تقرر شكل ومضمون التنسيق والعمل المشترك مع الجيش العربي السوري في نطاق عمليات واحد غير قابل للتجزئة كما يتمنى المرضى بالكابوس السوري.

رابعا في جميع دول العالم وحين تواجه المجتمعات تهديدات وجودية عدوانية كمثل احتلال عصابات داعش في الجرود الشرقية تحشد جميع قطاعات الرأي العام خلف الجيش الوطني وتعبأ جميع الإمكانيات الإعلامية لصالح المعركة السيادية والوطنية وتتخذ التدابير القانونية التي تمنع أي تطاول على دور القوات المسلحة او النيل من معنوياتها اوالتشويش على مهماتها … فليصمت المتطفلون وليدعوا لقيادة جيشنا الوطني تحديد ساعة الصفر واتخاذ التدابير المناسبة لتحرير الجرود المحتلة وإن أرادوا اتخاذ مبادرة وطنية داعمة فليرحبوا بقرار قيادة المقاومة وضع إمكاناتها في تصرف جيش الوطن وليعترفوا بأن التنسيق مع الجيش العربي السوري يعود لتقدير حاجات المعركة ومعطياتها كما تراها قيادة الجيش ونقطة على السطر… آن لنا ان نصرخ باسم اللبنانيين العاديين : سئمنا من كثرة المتفلسفين والمتطاولين الذين يهرفون بما لا يعرفون وكفى فلتخرسوا ولتدعوا الجيش يقوم بواجبه السيادي كما يرى مناسبا…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى