أيتام فيلتمان وبندر والعلاقة بسورية
غالب قنديل
كأنهم أشباح مستحضرة من الماضي السحيق يخرج أيتام فيلتمان وبندر إلى الناس بتصريحات فاقدة للحيلة فيها اجترار لشعارات الكراهية ضد سورية وصراخ عكس السير يحمل مرارة عميقة وخيبة أعمق من سقوط رهانات كبرى ضج بها هذا الطابور وشغلت خياله المريض ضد سورية والمقاومة وهو الذي شارك في حرب تموز فكان الحربة الصهيونية في ظهر الشعب والجيش والمقاومة واستحق إهانات كونداليسا على مائدة عوكر حين سألتهم عن التزامتهم السابقة لجيفري “فلتهاجم إسرائيل والباقي علينا”.
اولا تبين بالتجربة في تموز أن المهجرين الذين اقتلعهم العدوان باتوا قوة هادرة للمقاومة ترعبهم وان الحلف الوطني العريض حول المقاومة عصي على مؤامراتهم والتلاحم الوثيق بين حركة امل وحزب الله اشتد صلابة في وجه العدوان الصهيوني والشراكة بين الجيش والمقاومة تجوهر مثل كل شيء أصيل في زمن التحدي وأشد ما كان يحاصرهم موقف الرئيس الشرف إميل لحود وسائر الزعماء الوطنيين الكبار يتقدمهم الرئيسان عمر كرامي وسليم الحص والعماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية والوزير طلال إرسلان .
الأشد إيلاما لهذه الزمرة كان التفاهم الوليد بين المقاومة والتيار الوطني الحرالذي تحول في وجه العدوان إلى ميثاق مقاومة وعهد صمود والوطنيون من جميع المناطق والطوائف كانوا مستنفرين ضد العدوان دفاعا عن لبنان ومن يومها لم يبق لعصابة عوكر وأزلام بندر وفيلتمان سوى الثرثرة والصراخ وندب سوء الحال والعجز المقيم والمتمادي امام المعادلات القاهرة إلى ان حل زمان وهم إسقاط سورية قلعة المقاومة واليوم وبعد سنوات من التآمر والشراكة في خطة تدمير سورية وسفك دماء شعبها حلت خيبة جديدة فسورية تنتصر والمقاومة شريك كبير في تلك الملحمة.
ثانيا الحقيقة القاهرة موجعة حين يعلن السفير الأميركي السابق روبرت فورد ” اللعبة انتهت في سورية ” ويتوقع هروبا اميركيا كما حصل في لبنان عام 1983 ويصرح قائد القوات الخاصة الأميركية بان بلاده ستكون مجبرة على الرحيل من سورية وسحب جنودها حين تنتهي المعركة ضد داعش وتطلب دمشق رحيل القوات الأميركية بدعم من روسيا وإيران وحزب الله مقارنا بين الوجود الشرعي الروسي بطلب من الدولة السورية الشرعية باعتراف الأمم المتحدة والوجود الأميركي غير الشرعي يصبح صراخ أيتام فيلتمان وبندر في لبنان بلا قيمة او جدوى فمن انتم لتجادلوا بشرعية الدولة السورية ورئيسها إن كان سيدكم الأميركي عاجزا عن التنصل.
يقارب المهزلة والفضيحة ويفيض عنهما كل ما جرى في مجلس الوزراء حول زيارة وزراء لبنانيين إلى دمشق وما جرى سابقا حول التنسيق بين الجيشين السوري واللبناني في معركة واحدة ضد الإرهابيين في الجرود الحدودية المتداخلة وما جرى بصدد اتفاق الكهرباء والروزنامة الزراعية وغيرها من شؤون مشتركة لبنانية سورية اعترف بها المستعمر الفرنسي وانشأ لها المصالح المشتركة التي لم يقض عليها أي انفصال ولا أي قطيعة .
ثالثا ما يدور كل يوم حول ملف النازحين وسبل تنظيم عودتهم إلى بلدهم وما سيدور عن فتح طريق التصدير البري إلى العراق وما يلوكه تجار ومصرفيون وسياسيون من احلام افتراضية عن المساهمة في صفقات إعادة البناء السورية يعكس عقلية مريضة عاجزة وعقيمة عند فريق 14 آذار وتخلفا سياسيا ونوعا من الذهان المرضي والعجز عن مواكبة الواقع والاعتراف به بسبب انفصام خطير ولدته خيبة وهزيمة ترافقها شدة الحقد والتبعية والارتهان للمشغلين.
الحصيلة ان جل ما يهتم له قادة هذا الفريق هو انهم لا يريدون الاعتراف وقد صاغوا الموقف بعبقريتهم الانتهازية التي تفتقت عن وصفة : إذهبوا إلى دمشق ولكن من غير قرار صادر عن مجلس الوزراء وتصرفوا ومعنى ذلك عودوا إلينا باتفاقات ونتائج تحقق المصالح ونربح منها من غير ان تحملونا امام واشنطن والرياض كلفة تغطية ما تقومون به وما أشطرهم باختراع التعابير فابتدعوا نأيا جديدا يطور نظريات النأي الفاشلة التي واجهت الإرهاب الصارخ الذي كلف لبنان غاليا بالإنكار.
رابعا من حكايا الاستعمار العثماني طرفة شائعة عن عادات موظفي الولاة العثمانيين الذين عمموا ونشروا تقاليد الرشوة أي “البرطيل” كما عرفها اللبنانيون بلهجتهم الدارجة مع أشقائهم في سورية وفلسطين فقد كان الموظف المرتشي يدير ظهره لزبونه ويتناول بيده الرشوة من خلف ظهره واحيانا يفتح جارور مكتبه ويدير ظهره ويغمض عينيه لتلقى الفلوس تحت يده في الجارور وهي عادة ورثها بيرقراطيو الدولة اللبنانية وما زال بعضهم عليها.
كانت العبارة الدارجة يومها : ” نحن لم سمعنا لم قشعنا لم عرفنا ” وهو الجذر التاريخي لنظرية النأي بالنفس التي ينادي بها اليوم أيتام فيلتمان وبندر ممن يجترون احلامهم المغدورة بسقوط سورية وتصفية المقاومة واستنزافها في الميدان السوري فقد انقلب الزمن وسورية تنتصر والمقاومة خرجت قوة عملاقة من الملحمة وهي شريكة بدماء شبابها وبتضحيات عائلاتهم في ذلك المجد العظيم وهؤلاء الأيتام يديرون ظهورهم للحقيقة التي تحرق عيون الناكرين بينما عيونهم شاخصة للشراكة في مغانم لا يريدون ان يعترفوا بها ولا ان يحملوا مسؤولية السعي إليها لأنهم يخشون محاسبة الناس الذين قرقعوا أسماعهم لسنوات بالعداء لسورية وشعبها وجيشها ورئيسها … طارت سكرة الرهان وجاءت فكرة الخيبة ” وانخلي يا ليلى” رحم الله الراحل الظريف اوغست باخوس!.