الحرم ليس الشانزليزيه: يوسي بيلين
يومي الجمعة الاخيرين مرا بسلام في ساحة الحرم، لكن تأثير الازمة ما زال يرافقنا. العلاقات الدبلوماسية مع الاردن لم تعد الى مسارها (رغم ضغط السكان الفلسطينيين، مواطني الاردن، من اجل استئنافها للحصول على تأشيرات الدخول لزيارة الضفة الغربية). والسلطة الفلسطينية لم تستأنف التنسيق الامني مع اسرائيل، وقامت باستدعاء الملك عبد الله لزيارة رام الله. لأنه امتنع عن طلب الاذن من اسرائيل من اجل الدخول عن طريق جسر اللنبي .
في ذروة الازمة أثبت الفلسطينيون لأنفسهم وللعالم أن قرار ابقاء ساحات الحرم فارغة سيضطرنا الى البحث عن الحل. إن وضع البوابات الالكترونية لا يعتبر جريمة، بل هو وسيلة لمنع ادخال السلاح الى الحرم. والقرار لم يأخذ في الحسبان التأثيرات السياسية المحتملة، وهو كان حل تكتيكي وخطأ استراتيجي. من المؤسف أن الحكومة لم تتراجع على الفور عندما أدركت الثمن، لكن من الجيد أنها فعلت ذلك في نهاية المطاف. انهاء قضية الحرم كان له ثمن، وهو احراج اسرائيل. إلا أن هذا افضل من ابقاء الازمة مثل الجرح النازف.
توجد افضليات لازمة الحرم مثل كل ازمة، وأحد هذه الافضليات هو القدرة على استخلاص الدروس مما حدث اثناء الازمة، من اجل تقليص الاخطاء المشابهة مستقبلا:
رغم وجود من تساءلوا عندنا “ماذا كانت فرنسا ستفعل لو أن هذا الامر حدث في باريس؟” الحرم ليس الشانزليزيه من ناحية سيادة اسرائيل فيه. ليس هناك دولة في العالم لا تعترف بسيادة فرنسا في الشانزليزيه، وليس هناك دولة في العالم تعترف بسيادتنا في الحرم. ويضاف الى ذلك حقيقة أن القيادة الارثوذكسية الدينية عندنا تعتبر أن الذهاب الى الحرم مثابة الاعتداء على قدسية المكان، وأن ادارة المكان بقيت في أيدي الأوقاف الاردنية. هذه سيادة نحن فقط الذين نعترف بها، والذين قيدنا أنفسنا بتطبيقها على مدى الخمسين سنة الماضية. هناك مجموعة صغيرة في المجتمع الاسرائيلي تريد تغيير الوضع الراهن الغامض، مع الاستعداد للصراع مع العالم والمخاطرة بصراع عنيف ومستمر مع الفلسطينيين، لكن الاغلبية الساحقة في اوساط الجمهور تعارض ذلك. ومن يعارض فتح صندوق بندورا، يجب عليه الحذر طالما أننا لن نتوصل الى الاتفاق الدائم.
الدول العربية، ومن ضمنها الدول التي لنا علاقات قوية معها من وراء الكواليس، ليست في وضع يسمح لها بتأييدنا في ازمات كهذه. محظور علينا السقوط في شرك الحميمية مع الزعماء العرب الذين يقومون باسماعنا انتقاداتهم للفلسطينيين. وحتى لو كانوا يدركون أن البوابات الالكترونية هي مثابة ذريعة لجهات متطرفة، فهذا لا يعني أنهم سيدخلون في مواجهات مع الرأي العام لديهم. العلاقات الامنية بيننا وبينهم لن تدفعهم الى لي ذراع الفلسطينيين، وعلاقتنا العلنية معهم يجب عليها الانتظار الى أن يوجد السلام مع الدولة الفلسطينية المستقبلية.
لقد دفعنا في الازمة الاخيرة الثمن، وهو غياب طرف فلسطيني نتحدث معه في القدس. وعندما أغلق اريئيل شارون في حينه بيت الشرق فهو لم يدرك أن البديل قد يكون رائد صلاح الذي لا يجب علينا التحدث معه.
مجلس الامن القومي لم يكن موجودا اثناء اتخاذ القرارات، هذا المجلس الذي يترأسه يعقوب عميدرور كان يمكنه أن يمنع سلسلة الاخطاء. وبالتالي هناك حاجة الى اعادة مكانة المجلس الى سابق عهدها.
اسرائيل اليوم