مقالات مختارة

نتنياهو سيذهب وإسرائيل ستستمر : جدعون ليفي

 

إن فرحا كهذا الفرح لم يكن هنا منذ زمن: بنيامين نتنياهو سيسقط. في الوسط ـ يسار يحتفلون، وفي رمات شارون يقومون بفتح زجاجات الشمبانيا، وهناك احتفالات في قاعات البلياردو، وأحدهم كتب»لقد سقط الديكتاتور»، وهناك من أجرى حفل شواء بمناسبة العيد، وللحظة يبدو أن ايلانا ونيكولاي تشاوتشيسكو قد أُعدما، وأن معمر القذافي قد قُتل، وأن صدام حسين تم إلقاء القبض عليه، وأن سور برلين سقط، وأن نلسون مانديلا أصبح حرا، وأن الاتحاد السوفييتي انهار، وأن إسرائيل تخرج من الظلام إلى النور، من العبودية إلى الحرية. نتنياهو سيذهب إلى البيت أو إلى السجن، وإسرائيل ستتحرر .

يمكننا تفهم فرحة الشماتة بنتنياهو وعائلته، فهم يستحقون ذلك. وأيضا الفرحة من أجل نهاية ولايته جديرة. يمكن أن نتفهم إحساس الذين توقعوا الانهيار، لكن من السهل إلقاء كل شيء على نتنياهو.

كم من المريح التفكير بأنه هو وليس نحن من يتحمل المسؤولية. وأن كل شيء بسبب الزعيم وليس بسبب ناخبيه، أغلبية الشعب، وأن نتنياهو كان ديكتاتورا وأن سقوطه يبشر بالحرية.

كم من المغري التفكير بأنه هو وحده الذي سيتغير وأن إسرائيل ستصبح دولة اخرى، مثلما حلمنا. وأن اليوم التالي لنتنياهو سيكون فجر يوم جديد، تختفي فيه كل الأمور السيئة.

كم من الممتع التفكير بأن من سيأتي بعد نتنياهو سيكون أفضل منه، وأن رئيس الحكومة المقبل سيبشر بالأمل، وأن سنوات حكم اليمين الديني قد انتهت، وأن كل من سيأتي، حتى لو كان من اليمين، سيكون أفضل، وأن المرشحين سيكونون أفضل، وأنه لا يمكن أن يأتي من هو أسوأ من نتنياهو، المهم أن ننتهي من بيبي وعائلته القيصرية فتصبح إسرائيل مكانا أكثر عدلا، وأن إسرائيل بدونه ستكون غير قومية متطرفة وغير عنصرية، وليست محتلة وليست فاسدة، وليست متعالية وليست عنيفة، وليس من المناسب إفساد هذه الحفلة النهائية والفرح الذي لا مثيل له. ولكن هذا الانجرار بعيدا عن الواقع.

يتحمل نتنياهو جزءا كبيرا من المسؤولية عن وضع إسرائيل، لا سيما في الداخل. كانت سنواته سنوات صعبة على العدل والمساواة والحرية والسلام والديمقراطية والإنسانية والأقليات والضعفاء.

وكانت سنواته جيدة للتعالي والقوة والقومية المتطرفة والعنف والمستوطنات. ولكن بغض النظر عن قوته، فإن نتنياهو لا يتحمل وحده المسؤولية. فقد كان من حوله ائتلاف واسع ومعارضة ضعيفة وشعب يؤيده كشعبوي محسّن. نتنياهو لم يقم بتشكيل روح الشعب، بل عكسها. ولم يخترع إسرائيل الحالية، بل الجمهور هو الذي اخترعها.

إن هذا الفرح مبالغ فيه وسابق لأوانه، ليس لأن نتنياهو لن يغادر، بل لأن مغادرته تبشر بالقليل جدا. خطوة أولى في طريق طويلة، ولا يبدو باقي الطريق واضحا في الوقت الحالي.

هذه خطوة ضرورية لكنها ليست كافية، ذهاب نتنياهو ليس مصيريا، فقط ليس نتنياهو هو موضة لحظية ضعيفة لمن يريدون الانتقام والشماتة، والذين يمكن تفهمهم. ولكن من دون الموافقة على استنتاجاتهم. إن طرد نتنياهو لن يحررنا من أي شيء، باستثناء التخلص من زوجته وابنه.

سيذهب نتنياهو وسيأتي بدلا منه جدعون ساعر أو يئير لبيد، وكلاهما أسوأ منه. سيذهب نتنياهو وسيبقى نفتالي بينيت واييلت شكيد وافيغدور ليبرمان. سيذهب نتنياهو وستبقى كراهية العرب.

سيذهب نتنياهو وستبقى القناعة بأننا الشعب المختار. والأمر المؤكد هو أن نتنياهو سيذهب والاحتلال الإسرائيلي سيبقى حتى لو حدثت معجزة وتم انتخاب آفي غباي. من أجل تغيير هذا الوضع لا تكفي الرغبة في الانتقام والشماتة، بل يجب على المجتمع الإسرائيلي أن يمر بعملية مؤلمة، لا تلوح بدايتها في الأفق. فقط ثورة في التفكير والقناعات هي التي ستحدث التغيير، وفي الوقت الحالي ليس هناك من يقوم بهذه الثورة، مع أو بدون نتنياهو.

بانتظارنا يوم كبير: نتنياهو سيذهب، والقليل من الإسرائيليين سيذرفون الدموع على ذهابه. ولكن لا يجب المبالغة بالفرح. فنتنياهو سيذهب وإسرائيل ستبقى مثلما كانت دائما.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى