حزب الله وصورة “حامي لبنان”
غالب قنديل
تحركت خلال الأيام القليلة الماضية القنوات الأميركية والبريطانية والسعودية في موجة اتصالات عاجلة مع قيادات سياسية وإعلامية لبنانية والهدف المركزي هو تطويق النتائج الإيجابية التي حصدها اداء حزب الله السياسي والإعلامي والقتالي وإنجازه لنصر مبهر على عصابات الإرهاب بالتعاون التام مع الجيش اللبناني والذي ساهم بجدارة في معركة حصاده التفاوضي اللواء عباس ابراهيم مديرعام الأمن العام.
أولا “إياكم وتكريس صورة حزب الله حامي لبنان” تحذير حملته الاتصالات التي بادرت إليها جهات مسؤولة في واشنطن والرياض ولندن طالبة السعي لإضعاف موجة التأييد الشعبي والسياسي والاعلامي لجهود المقاومة وأعطت أمر عمليات بشن حملات إعلامية مكثفة غايتها الطعن بحقيقة النصر المنجز ومحاولة الدخول في مقارنات ومفاضلات لضرب حصاد الثقة المتينة بين الجيش والمقاومة .
تتضمن توجيهات الحملة طلبا صريحا لاستحضار خطب قديمة منذ انطلاق المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني عن هيبة الدولة التي اكدها حزب الله في الجرود الشرقية وحصنها باسترجاع أرض محتلة إلى السيادة اللبنانية وهو يعلن انه بعد التحرير سيقوم بتسليمها لرفاق السلاح في الجيش اللبناني كما فعل سابقا في الجنوب وفي الحدود الشرقية نفسها وهذا ما أحرج الشيخ سعد الحريري واضطره للقول إن الدولة هي التي انتصرت في معركة الجرود بينما وسائله الإعلامية تطلق خطابا مشككا وتحريضيا ضد من بذلوا الدماء لتحرير الأرض ولتخليص المواطنين من تهديد وحش التكفير ولتحرير عرسال نفسها.
ثانيا بأخلاقياتها العالية تحاشت قيادة المقاومة الدخول في مساجلات وهي كشفت مسبقا الأفخاخ التي دبرها المشغلون من الخارج وقد احجمت عن فتح النقاش حول المسؤوليات عن استحضار الإرهابيين ورعايتهم على أرض لبنان والوقائع يعرفها اللبنانيون ولاسيما أهالي عرسال وطرابلس وعكار ووادي خالد وعين الحلوة وصيدا الذين ذاقوا المرارات على يد القاعدة وداعش و”فصائل الثورة والحرية” وتحصينا للوحدة الشعبية تجاهلت المقاومة دفاتر حسابات التجارة والسمسرة التي قامت على هامش تلك الوظيفة البشعة لقوى لبنانية معلومة في الحرب على سورية ولبنان معا.
إن اخطر ما تخشاه العواصم التي تحركت هو نقاء الإنجاز الوطني الذي حققه حزب الله ومناخ التأييد الشعبي والسياسي الشامل الذي حظي به المقاومون وما احاط بطولاتهم من إعجاب وتضامن فاضت به مشاعر غالبية لبنانية ظاهرة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تصلح معيارا نسبيا لردود الفعل حسب المنهجية الأميركية لقياس الرأي العام وحيث تبدى بون شاسع بين مشاعر الناس ومواقفهم وارتداد بعض القيادات والمنابر الإعلامية عن صمتها او تعاطفها الذي اظهرته في البداية بعدما تلقته من طلبات وتحذيرات لاستدراك ما اعتبره المخططون الأميركيون انجرافا في موجة ترويج صورة “حزب الله حامي لبنان”.
ثالثا من مفردات التخريب المقصود للمشهد الإعلامي دس جاسوسي لكمية من الشائعات من نوع الزعم ان حزب الله مارس ضغوطا على مؤسسات إعلامية وهذا امر تنفيه الوقائع ويعرفه الإعلاميون الذين عبروا عن تفاعلهم مع الأحداث وخرجوا عن الصورة المعلبة التي وضعهم فيها التخندق السياسي الداخلي او ارتباطات مالية وسياسية لمالكي بعض الوسائل بينما المناخ الشعبي يفيض حماسة لمقاتلي المقاومة ولبطولاتهم في الجرود في معركة تحرير نظيفة ونقية منسقة وبتكامل واضح مع الجيش اللبناني ومع سائر مؤسسات الدولة.
جميع الإدارات ومكاتب التمثيل الإعلامي المحلي والعربي والدولي تعرف جيدا ان العلاقات الإعلامية في حزب الله قدمت للبعثات الإعلامية ومن غير أي تمييز جميع التسهيلات اللازمة للحصول على المعلومات مباشرة ومن مصادرها ووفرت فرص التغطية الواسعة والمتكافئة للأحداث منذ اللحظة الأولى بكل نزاهة ومهنية وما حمله المشهد الإعلامي يرسخ صورة منظومة القوة اللبنانية ( الجيش والشعب والمقاومة ) التي يؤمن بها حزب الله ويروج لها منذ التحرير عام 2000.
رابعا من دواعي السخرية ان يصدق بعض المتكسبين اللبنانيين في صحف سعودية او ممولة سعوديا انفسهم بالكلام عن تصنيع صورة المنتصر او “حزب الله حامي لبنان ” من وراء معركة الجرود ولمن يتناسى نذكره بأن التقدير العام للمخابرات الصهيونية الصادر عام 2016 هو الذي استخدم التعبير “حامي لبنان ” في ضوء حساب ما أنشأته المقاومة من معادلات الردع التي تمنع الكيان الصهيوني عن شن حرب ضد لبنان يتمناها قادة العدو بوهم ” القضاء على حزب الله ” واليوم ترتبط بصورة هذه المقاومة أسوء الكوابيس الصهيونية وآخرها معضلة خزانات الأمونيا المتجددة!.
ثمة انتصار مبهر حققته المقاومة بالشراكة مع الجيش وسوف يستكمل بالقضاء جذريا على وحش التكفير الداعشي وهو إنجاز وطني ثمين عند من يحس او يفهم ولمن يعترفون بالحقيقة ثم يستبقون النقاش بإعلان مخاوفهم من التخوين نقول لهم بترفع : أهلا باعترافاتكم لو متاخرة وللمتمترسين في غيهم نقول لستم خونة فاختاروا بأنفسكم التوصيف المناسب : جاهلون ؟ جاحدون؟ حاقدون ؟ أغبياء … ولكل وصف علاج ! بعد الانتصار المحقق وعلى أبواب المعركة الجديدة لم يعد ذلك هو المهم فما كتب قد كتب.