مقالات مختارة

الأزمة في الحرم: اليكس فيشمال

منذ نهاية الاسبوع حين ازالت اسرائيل البوابات الالكترونية عن الحرم، سجل الفلسطينيون لانفسهم نصرا اخر. أما الشرطة، التي خفضت مستوى التفتيش للوافدين، فتجاهلت، عن قصد او عن غير قصد، دخول نحو 80 من رجال حركة المرابطين، التي اخرجت عن القانون قبل بضعة اشهر وتشكل منذ سنوات مصدرا مركزيا للتحريض ضد اسرائيل. أما عندنا فقد كنس هذا التطور الخطير من تحت البساط. وكل من كان مشاركا في قصور البوابات الالكترونية يفضّل أن يشطب القضية عن جدول الاعمال، بحيث ان الاحتمال في أن يستخلص احد ما دروسا حقيقية منها يقترب من الصفر.

ندّس الرأس في الرمال، ولكن الفشل يطاردنا. كلما مرّ الوقت تراكمت الاضرار التي خلفتها وراءها قضية البوابات الالكترونية.

ولا نتحدث عن فرحة المنتصرين الفلسطينيين، فالمزاج يمكن تخريبه برفع يد. هذه الاضرار التي لا يزال من الصعب قياس حجمها، تعطي مؤشراتها على الارض منذ الآن. فقد اكتشف الجمهور الفلسطيني مثلا، بأن من ينجح في أن يقود كفاحا ضد اسرائيل ويركعها ليس رجال حماس والسلطة الفلسطينية بل رجال الدين. وفجأة توجد لهذا الجمهور، في شرقيّ القدس على الاقل، زعامة بديلة ناجعة تحل محل الزعامة السياسية.

إلى أين سيؤدي هذا؟ هل ستنشب ازمات اخرى اكثر في المسائل الدينية؟

في الماضي غير البعيد دار حوار براغماتي جارٍ بين الزعامة الدينية الإسلامية في القدس والمؤسسة الاسرائيلية. كان للطرفين عناوين. أما بعد الازمة في الحرم فقد تبين ان في الطرف الاسرائيلي إما شطبت او خصيت العناوين أو لم تؤد دورها.

حتى القضية الاخيرة لعبت ثلاثة مراكز قوة في القيادة الدينية الإسلامية: الشيخ عمر الكسواني، رجل الاوقاف عن الاردن الذي يدير الحرم؛ الشيخ محمد حسين، رجل السلطة الفلسطينية الذي يشغل منصب مفتي القدس؛ والشيخ عكرمة صبري الشيخ المفتي السابق الذي يمثل اليوم الحركة الإسلامية في شرقي المدينة. هو الرجل الذي يرتبط بحركة المرابطين والجناح الإسلامي الشمالي الاسرائيلي.

كل واحد من الثلاثة يمثّل مصلحة خاصة به، ليس بالضرورة مشاركا فيها الباقين. أما أحداث الحرم فقد وحدتهم. فعلى مدى السنين حتى لو كان بعضهم اطلق تصريحات متطرفة ضد اسرائيل، كانوا يتاجرون معنا الجياد من خلف الكواليس: بدءا بالتوافقات في أعمال الاخلال بالنظام في الحرم، وانتهاء بمواضيع الممتلكات واراضي الأوقاف الإسلامية. الكثير جدا من الحرائق اطفئت في هذا اللقاءات.

في الطرف الاسرائيلي، عمل في المهمة مستشارون في الشؤون العربية في لواء القدس في الشرطة، في القيادة القطرية وفي بلدية القدس. وكان مستشارو الشؤون العربية في الادارة المدنية احدى الجهات النشطة مع الاوقاف، الامر الذي اتاح متابعة لمزاج الجمهور الفلسطيني في المدينة. وينبغي أن يضاف إلى القائمة ضابط أمن قيادة المنطقة الوسطى وجهاز المخابرات. ذات مرة حتى عملت لجنة أمن في القدس، برئاسة رئيس البلدية، التي كانت تجمع كل الجهات. كل العناوين في الطرف الاسرائيلي كانت منسقة. اما بعد العملية في الحرم فكان من المفترض للقيادة السياسية ان تطلب من هذه الجهات التصدي لهذه المشكلة من خلال الحوار البراغماتي ايضا- ليس السياسي- مع الاوقاف. هذا لم يحصل اذ انهم لا يؤدون مهامهم او لم يعودوا موجودين او تم استبعادهم. أما الاوقاف، من جهتها، فليس لها اليوم مصلحة في الحوار مع المؤسسة الاسرائيلية.

ضرر آخر بات بيّنا للعيان منذ الآن هو دخول فتح إلى القدس، بعد نحو 15 سنة قيدت فيها اسرائيل نشاطها. محمود العالول، من قادة فتح خوّل لإنفاق نحو 20 مليون دولار لشراء تأييد اصحاب المصالح التجارية في القدس. فقد نثر اموالا لتمويل الارنونا وغيرها من الديون، ولتمويل الاستشارات القانونية حيال البلدية. وتلقى الطلاب اعفاء من رسوم التعليم في القدس، وتلقى المفتي عناقا من فتح التي تموّل له حراساً ونشاطاً سياسياً، بما في ذلك الاجتماعات التي لم نكن نراها في الماضي في القدس.

أما حكومة اسرائيل فهي مفزوعة من نفسها بعد قضبة الحرم لدرجة أنها تسير بين القطارات وترى بقلق كيف يضيع عمل عشرات السنين في القدس هباء.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى