تموز الأسود: اسحق ليئور
يكفي الاستماع الى بنيامين نتنياهو ومحيطه وتحريضهم بخصوص عقوبة الاعدام لمعتقل قبل محاكمته من اجل فهم أهدافه: الشعب الذي يجلس في الظلام سيرى ضوء كبير في التلفاز والفيس بوك. وسيسمع خطابات “الردع″. سيقول المعارضون “غير فعال”، لكن الشعب سيشم رائحة الدم والانتقام وستأجج النفوس، وفي اوروبا سيتظاهرون ضد اسرائيل، ونتنياهو سيدافع عنا أمام اللاساميين، والاجماع سيزداد قوة في وجه الأخطار الداخلية: فلتذهبي يا أم الفحم الى البلاد المتروكة، هناك سيهتم بك أفضل أبنائنا بدون قانون. في الوقت الحالي فقط يضربون ويقتلون العرب في يافا وحتى عمان.
المشكلة مع معارضي نتنياهو هي أنهم ينجرون الى اليمين، لأنهم عمليا لا يختلفون معه من حيث القناعات، التي بفعلها يسيطر عليهم ايضا. هو يرتبط بالتوجه الامريكي حول “صراع الحضارات”، وهم يسيرون خلفه: يعلنون عن “الحرب الدينية” في اليسار المتنور. وهذه ليست “حرب دينية”. فقد جاءت دولة واحتلت اراض ليست لها، وحولت “الاماكن المقدسة” الى اجماع لم يكن موجودا حتى العام 1967 – فقط أقلية في اليمين طالبت بذلك – واليكم أبدية اسرائيل: شعبنا قُتل في الشتات فقط لأنه لم يكن يسيطر على حائط المبكى. واليسار يقوم بترديد ذلك وراء المفدال الآخذ في السيطرة على الديانة اليهودية.
اليسار يقول “عدل مقابل عدل” من اجل تشويش وصف ديناميكية الكولونيالية. وقد نشأ بدلا من هذا الشعار شعار “الحرب الدينية”. لكن الامر الحقيقي هو الكولونيالية. وهم يخجلون من تسمية ذلك بهذا الاسم، وكأنها ستختفي أو تصمت. وفي الكولونيالية مثلما هي الحال في الكولونيالية: مثل عمق القمع وغياب الفرصة، تكون قوة وفظاعة الصراع. هكذا كان وهذا ما سيكون. مع الاستنكار وبدونه، يستطيع تساحي هنغبي أن يهدد بالنكبة، في أذن أم ثكلى، ويتحدث عن العملية الدموية القادمة.
المارد المسيحاني خرج عن طوره. وذات مرة كان تحت السيطرة. وفي القدس قالوا ايضا “العام القادم في القدس″، ونجحوا بطريقة ما في الفصل بين “البلاد المقدسة” والبلاد. هذا هو الفرق الجوهري بين حدود 1948 وحدود 1967. وليس حجم الجرائم أو التبرير الايديولوجي. منذ العام 1967 سيطر المارد المسيحاني على اليسار ايضا. مثلا، المبكى. وفي هذا اليوم، التاسع من آب، هناك من يصومون ويصلون، لكن يحظر علينا الخلط بين مجيء المسيح المخلص وبين حياتنا.
إن المسيحانية ليست فقط تحويل هذه الاماكن الى جزء من الكولونيالية، بل المسيحانية هي وعي المشاركة في عملية “الانبعاث”. جميع الصهاينة يؤمنون بهذه الرسالة التاريخية للدولة. وهذا ايضا معنى سفر الشباب الى بولندا: هناك فقط سيدركون أن حياتنا تحسنت قياسا مع اوشفيتس، وهي تعتبر جزء من عملية تاريخية، بما في ذلك المومسات والفودكا. كل شيء مسموح لنا.
المخلَصين والمخلِصين
لا يمكن لأي استشارة قانونية أن تعفينا من الكارثة الآخذة في الاقتراب. نحن لسنا حالة استثنائية. لم يكن هناك نظام كولونيالي لم يبرر سيطرته على الاولاد من خلال الايديولوجيا. عندنا هذه هي التوراة كحقيقة تاريخية.
العلمانيون من اجل التسجيل في الطابو لدى الخالق. وقد كتب حانوخ ليفين في العام 1970: “أنا لا أنفذ وعود منحها الله لابراهيم”. اليسار ضحك، لكنه لم ينجح في أي مرة في التنصل من الدين الذي وقع عليه آباءنا: أن نرث البلاد.
دافيد غروسمان قال للوزيرة ميري ريغف: “يمكن أن نكون مخلصين بدرجة كبيرة للقصة الكبرى، القصة الكبرى بالفعل عن اسرائيل والتي تعتبر في رأيي أحد أكبر قصص التاريخ، وهي عودة الشعب اليهودي الى بلاده”. إن المسافة الايديولوجية بين المؤيدين لهما ليست كبيرة، ولهذا نحن نسمع الصراخ بسبب الضعف.
لقد مر تموز 2017 مع مظاهرات ضد “فساد نتنياهو”. وفيما يتعلق ببربرية القمع في المناطق فان الاغلبية الساحقة في اسرائيل صامتة.
هآرتس