الحرم: المصلحة الأردنية ـ الإسرائيلية: رونين اسحق
«إسرائيل تحترم دور المملكة الاردنية الهاشمية الخاص في الاماكن الإسلامية المقدسة في القدس»، هذا ما كتب في اتفاق السلام الذي وقع في تشرين الاول 1995. وكان واضحا منذ البداية أن إسرائيل تحافظ على مكانة الاردن الخاصة في الحرم بواسطة الأوقاف الاردنية في وجه محاولة السلطة الفلسطينية تعزيز سيطرتها في القدس بشكل عام وفي الحرم بشكل خاص، وازاحة الاردن جانبا. إن الحاق الضرر بالاردن ليس فقط خطيرا بالنسبة للاردنيين أنفسهم، بل هو يلحق الضرر بالمصالح الإسرائيلية ايضا. لهذا يجب على إسرائيل افشال هذا الامر.
إن مصدر شرعية النظام الهاشمي في الاردن هو مصدر مزدوج. فمن جهة العائلة الهاشمية التي تعتبر المحافظة على الاماكن الإسلامية المقدسة في مكة والمدينة منذ القرن العاشر للميلاد. ومنذ حرب 1948 التي احتل فيها الاردن البلدة القديمة في القدس، يحافظ على الاماكن المقدسة في الحرم. ومن الجهة الثانية، الملك عبد الله الثاني، ابن العائلة الهاشمية، يعتبر الحفيد المباشر الـ 41 للنبي محمد. لذلك فهو يحظى بالشرعية في اوساط السكان في الاردن، الذين لا يسارعون إلى الحاق الضرر بالعائلة المالكة عند حدوث أي ازمة. اتفاق السلام الذي منح الاردن مكانة خاصة في الحرم، لم يرغب فيه الفلسطينيون الذين يحاولون تعزيز سيطرتهم في المكان، كمحاولة لاقامة دولة فلسطينية عاصمتها شرقي القدس، رغم أن هذه المنطقة كانت تحت سيطرة الاردن حتى حرب الايام الستة. وقد عمل الفلسطينيون على فرض سيطرتهم على الحرم بشكل فوري. فمثلا عند وفاة المفتي الاردني في تشرين الاول 1995، حاول الرئيس عرفات استغلال هذه الفرصة من اجل اخضاع موظفي الاوقاف الإسلامية في الحرم للمفتي الفلسطيني عكرمة صبري. وطلب أن يتم تسليمه ادارة المساجد من قبل الاردن، لكن هذا الامر تم منعه بعد تدخل إسرائيل؛ حيث أن النشاطات الفلسطينية في الحرم ليست موجهة فقط ضد إسرائيل.
إن تعزيز العلاقة بين إسرائيل والاردن هو مصلحة إسرائيلية واضحة. يجب على إسرائيل أن تمنح الاردن دورا تاريخيا في الحرم من دون تفسير الامر على أنه تنازل عن السيادة. وما تقوم به حكومة إسرائيل وهو الاتصال مع السلطات في الاردن وأخذ موقفه في الحسبان، صحيحا. إن اشراك الاردن، اضافة إلى بعض الدول السنية المعتدلة مثل مصر ودول الخليج، سيعزز مكانة الاردن والعائلة الهاشمية في منطقة الحرم، ويسمح بوضع الترتيبات الإسرائيلية هناك، الامر الذي سيضر بمكانة السلطة الفلسطينية والمتطرفين المسلمين الذين يعملون في الحرم، والذين تعارضهم الدول العربية المعتدلة والاردن. وهذا الامر سيعطي إسرائيل المظلة من اجل العمل ضدهم.
إسرائيل اليوم