مقالات مختارة

الخلاف حول حادثة اطلاق النار في الاردن مسألة الحصانة: سمدار بيري

لاحظت فجأة بان الصور في خيمة العزاء اني التقيت بالدكتور بشار حمارنة ضحية اطلاق النار في شقة الحارس في مجال السفارة الاسرائيلية. حصل هذا قبل 3 او 4 سنوات في مطعم في القدس حين روى لي طبيب العظام الجنتلمان الاردني بحماسة بانه يجر وراءه الكثير جدا من الزيارات لاسرائيل. كيف تنجح في الحصول على تأشيرة الدخول؟ ثار فضولي، إذ اعلم بان هذه عملية مضنية. انا أسكن مع الاسرائيليين “في ذات الحي” اجاب بابتسامة، وانا اؤجرهم الشقق منذ يوم فتح السفارة.

“نحن متصادقون جدا”، انحنى د. بشار للهمس، وعرض علي جولة منظمة في بلدة مولده مادبا، جنوب عمان، حيث دفن قبل ثلاثة ايام. في ذاك اللقاء ذكرنا ايضا صديقا مشتركا، د. مصطفى حمارنة، المثقف وعضو البرلمان الاردني. عقيلته الامريكية جني كانت المحررة الاسطورية لـ “جوردن تايمز″ حتى وفاتها قبل سنتين. عائلة محترمة. ميسورة. بعثت امس برسالة تعزية. كان من الصعب ايجاد الكلمات الدافئة والمقنعة ايضا.

والان يبدو أن الطرفين قررا هدنة. مكتب المدعي العام في عمان نقل الى القدس نتائج ملف التحقيق لديهم، واسرائيل التزمت بتسريع اجراءات فحص الحدث مع الحارس زيف. والى أن تستنفد الاجراءات فان المبعوثين الاسرائيليين عالقون في القدس. في اعقاب تلميحات شديدة الوضوح في وسائل الاعلام الاسرائيلية طُلب من عائلة حمارنة الا تتلقى تعويضا ماليا من اسرائيل. فاكثر اهمية لهم كما فهمت امس، هو تلقي الاعتذار من رئيس الوزراء نتنياهو. ان يقول فقط كلمتي: “انا أعتذر”.

ان شهادة سائق شاحنة الاثاث، الذي اختفت آثاره منذ يوم الاحد الماضي ليلا، انكشفت امس لاول مرة. اذا كان ما تقوله زوجته، بثينة ابو الريش، يتطابق والرواية التي قالها الحارس زيف لمحققي وزارة الداخلية الاردنية، فان القضية اكثر تعقيدا من القليل الذي كان باستطاعنا ان نقرأه ونسمعه. وهذه هي الشهادة التي نشرت في الاردن امس وانتشرت في ارجاء العالم العربي: السائق  ماهر الجنيدي يصر، على حد قول زوجته، بان الحديث يدور اجمالا عن صندوق مسامير، وليس مفكا. وحسب روايته، فان الفتى محمد عمر، جواعدة، جلب الاثاث الى غرفة النوم في شقة الحارس، والذي دفع ثمنه المؤجر، د. حمارنة. وبدأ تركيب الاثاث في الرابعة بعد الظهر. وبعد نحو ساعتين تبين انه تنقص مسامير. خرج الفتى من الشقة، وعندما عاد من الشاحنة مع علبة المسامير، شيء ما اثار اشتباه الحارس. نشبت مواجهة، الفتى طعن، الحارس اصيب، امتشق مسدسا واطلق النار. د. حمارنة سقط مع الفتى. السائق فر الى غرفة مجاورة، اغلق الباب واستدعى النجدة. والحارس هو الاخر استدعى النجدة. وعندما وصلت قوات الإنقاذ الأردنية لم تجد الإسرائيلي، الذي فر في هذه الاثناء الى مبنى السفارة.

ليس مؤكدا ان هذه شهادة موثوقة. فبعد كل شيء، السائق يعمل لدى صاحب مصنع الأثاث، او الفتى الذي قتل. والمحققون عندنا يأخذون بالحسبان أيضا جذور عائلة الفتى في قرية قرب الخليل، وتوقيت الحدث، في ذروة الازمة في الأقصى. الجنازة خرجت من مخيم اللاجئين الفلسطيني الأكبر الوحدات في ضواحي عمان. السائق، الجنيدي، احتجز لاستجواب عميق حتى نهاية الأسبوع، وعندما خرج حبذ الاختفاء في بيت أقرباء عائلته بعيدا عن ساحة الاحداث.

يتهم المدعي العام في عمان الحارس بقتل مواطنين أردنيين اثنين وحمل سلاح بلا ترخيص. مادة الاتهام الأولى تتجاهل تسلسل الحدث، اما مادة الاتهام الثانية فغريبة. فالحراس الإسرائيليون يحرسون على ان يسجلوا لدى سلطات الدولة التي يخدمون فيها نوع السلاح، رقمه والتفاصيل الشخصية لمن يحوزه. ومن داخل هذه المتاهة في عمان، ينبغي الامل في ان تكون رخصة الحيازة سارية المفعول. من جانب القدس فان مسألة الحصانة الدبلوماسية للحارس – بصفته يحمل جواز سفر دبلوماسي – واضحة. اما عمان بالمقابل فتصر على الفصل: إما ان تكون مهامته هي حماية مبعوثي إسرائيل او أنه دبلوماسي غير مسلح، ولا يستحق الا حصانة محدودة.

مسألة الحصانة مقلقة سواء لوزراء الحكومة في الأردن ام للجمهور الغاضب في المظاهرات: كيف سمحوا للحارس بالعودة الى إسرائيل بعد أن تعهد وزير الداخلية لاهل الفتى باستنفاد العدل وتقديمه الى المحاكمة داخل المملكة؟ ووزير الخارجية أوضح: نحن نتصرف حسب القانون الدولي ونتوقع سلوكا مشابها من الطرف الإسرائيلي.

حادثة اطلاق النار في نطاق السفارة من شأنها أن تؤثر سلبا أيضا على عودة المبعوثين الإسرائيليين الى القاهرة. في أنقرة تشددت قواعد سلوك المندوبين الإسرائيليين. فحين يكون اردوغان لا يمنع الهجوم على الكنس في تركيا فاننا نستعد لمنع مفاجآت سيئة.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى