مؤشرات الهزيمة الأميركية أمام الأسد
غالب قنديل
منذ إسقاط الخط الأحمر الأميركي الافتراضي المتعلق بفتح الحدود مع العراق تقف القيادات الأميركية العسكرية والأمنية مرتبكة واجفة امام تحولات الواقع الميداني في سورية وترتبك معها وكصدى لإخفاقاتها ومخاوفها المتزايدة إدارة دونالد ترامب والكتل المقررة في المؤسسة الحاكمة برمتها من البنتاغون ووزارة الخارجية إلى وكالة الاستخبارات وشريكاتها في وكالات الأمن والمخابرات الأميركية المتعددة وهو ما تعكسه مراكز الدراسات والتخطيط الأميركية بما فيها الأشد تطرفا في انحيازها إلى اللوبي الصهيوني كمعهد واشنطن.
اولا توقعات السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد عن هروب اميركي يشبه ما جرى في لبنان عام 1983 وتحذيراته للمسلحين الأكراد من اكاذيب واشنطن ووعودها الخادعة التي سبق ان خبرها حزب الكتائب وميليشياته في لبنان خلال حقبة الاحتلال الصهيوني واتفاق 17 أيار التي استذكرها فورد.
ما لبثت تصريحات فورد لصحيفة الشرق الأوسط المملوكة لأبناء الملك سلمان ولولي عهده الجديد ان وجدت تأويلا اوسع لمعناها في تصريحات قائد العمليات الخاصة الأميركية الجنرال ريموند توماس الذي نقلت عنه مجلة نيوزويك مقارنة بين عدم شرعية التواجد الأميركي في سورية وارتباط الدور الروسي باتفاقيات قانونية مع الدولة الوطنية صاحبة الشرعية الدستورية حسب اعترافه وهو ما يسري فعليا على دوري إيران وحزب الله وأي قوة عراقية من المحتمل ان تشترك لاحقا في القتال في سورية ولايبدو حتى الساعة حسب المجريات أن الجيش العربي السوري قد يحتاج لما يتخطى التنسيق المعلوماتي والأمني في الحدود مع العراق.
ثانيا من عدم شرعية التواجد الأميركي الذي تعتبره الدولة السورية احتلالا وخرقا للسيادة الوطنية انطلق الجنرال المسؤول عن الوحدات الأميركية في سورية ( التي تحيط بها حملة تضخيم ومبالغة مقصودة للنيل من معنويات الشعب العربي السوري ومن مصداقية الدولة الوطنية السورية ) ليعتبر هذه المفارقة نذيرا بطلب رسمي سوري ستدعمه روسيا بقوتها الهائلة لرحيل القوات الأميركية تحت طائلة الطرد العسكري.
توقع الجنرال توماس توقيتا للطلب السوري بمجرد الانتهاء من داعش على الأرض السورية ومع المزيد من منجزات معركة تحرير المناطق السورية من داعش التي يخوضها الجيش العربي السوري في عمق البادية وتقدمه للإمساك بما يزيد على مئة وخمسين كيلومترا من الحدود مع العراق وبما يتجاوز هذه المسافة على الحدود الأردنية وفقا لتقارير اميركية وصهيونية منشورة ومتداولة بينما توغل هذا الجيش بجدارة في ريف الرقة الجنوبي متقدما إلى مدينة السخنة التي ستفصلها وثبة وشيكة عن دير الزور.
ثالثا يثور شك كبير في مواقع التخطيط الأميركية حول جدوى الرهان على الميليشيات التي يدعمها اخطبوط أميركي اطلسي سعودي قطري صهيوني أردني منذ سنوات وهي تتقهقر وتنهار وتتحول عبئا على حلف المشغلين والداعمين رغم ما وظف فيها ولها من قدرات مالية وعسكرية ومنظومات دعم إعلامية وسياسية عبر الثورة المزيفة التي حركها طابور المخبرين ورعاها بعناد وفجور وفي الواقع إن الفشل الأميركي والصهيوني الأردني في الجنوب الغربي من سورية هو الذي جعل من اتفاق التجميد الذي عرضته روسيا بمثابة المخرج الواقعي من مأزق خطير يمتلك الجيش العربي السوري وحلفاؤه قدرات حاسمة لكتابة خاتمته بالنار فكان التجميد الذي لا يشمل عصابات النصرة وداعش هو المخرج.
رابعا إن مؤشرات الانتصار السوري القادم تتزايد على أرض الواقع ويغذيها تشظي حلف العدوان وانشطاره العميق بينما تشهد التطورات بقدرات قيادية هائلة عند الرئيس الأسد في إدارته الهادئة والواثقة لصراع معقد وصعب ومحفوف بالمخاطر من اجل استقلال سورية وخلاصها الوطني .
والعقدة الأبرز التي صدت المخططين الأميركيين هي نجاح الأسد في انجاز الموالفة بين حلفائه الكبار وحشدهم حول سورية وصمود دولتها وشعبها وهكذا تعترف غرف التخطيط الأميركية باستحالة المضي بمغامرات عسكرية خرقاء في سورية حيث تقيم معاهدات الدفاع السورية الروسية والحلف الاستراتيجي السوري مع إيران وحزب الله سدا قويا وردعيا في وجه اوهام المغامرة الأميركية الصهيونية بحروب كبرى ولذلك بدات النتائج العملية لتوازن القوى الدولي والإقليمي في سورية ومنها وحولها تظهر في السياسة بتراجعات غربية واميركية في الموقف من الرئيس بشار الأسد والدولة الوطنية السورية التي تمتلك جيشا صلبا متمرسا ضاعف من خبراته وقدراته وشبك حوله تحالفات مهمة تجعل اكثر فأكثر من انتصار سورية القادم انتصارا لشركائها الكبار في الصين وروسيا وإيران ولشركائها في محور المقاومة ولذلك ليس مستغربا ان يطلق مجلس العلاقات الخارجية الأميركية الذي يرأسه ريتشار هاس نداء البحث في “خطة الخروج من سورية” كما فعل في العراق من قبل.