مقالات مختارة

اسرائيل تطلب من الجميع الاستنكار والاعتذار : تسفي برئيل

في كل مرة يقوم فيها فلسطيني بتنفيذ عملية يتحرك ميكروفون اسرائيل المناوب باتجاه “القصر الرئاسي” في رام الله، ويتم رفع الصوت الى أقصى حد، ويكون الجمهور في اسرائيل آذان صاغية من اجل سماع اقوال الرئيس: يندد أو لا يندد. ومرة اخرى تكون خيبة الأمل كبيرة. فهو لم يندد.

مرة اخرى تحطمت فرصة جديدة أعطيت لأبو مازن كي يثبت نفسه. ولو كان تمتم فقط بالتنديد لكنا أعطيناه نصف المملكة. وليس فقط ازالة البوابات الالكترونية من أمام الهيكل، بل كنا سنعطيه ايضا شرقي القدس. وجميع الاحياء العربية فيها، التي بنيت وستبنى بشكل غير قانوني، كنا سنسجلها باسمه.

لو أن أبو مازن قال فقط الكلمات السحرية، لكنا أنهينا موضوع الحدود، وانسحاب الجيش الاسرائيلي. وكنا سنقوم ببناء آلاف الشقق السكنية على الفور في قلقيلية، وكنا سنفتح شارع الشهداء في الخليل ونقوم برفع الحصار عن قطاع غزة، بل ايضا كنا سنقوم بالتوقيع على اتفاق سلام. ولكن الشخص لا يتحدث، وحتى لا يُغرد. صحيح أنه استنكر مهاجمة ثلاثة جنود من حرس الحدود من قبل ثلاثة مخربين اسرائيليين. ولكن ماذا عن حلميش؟ ماذا عن العمليات السابقة؟ كيف يمكن التفكير أصلا بالتحالف مع شخص ليس مستعدا للتنديد بأي عملية؟.

“نحن لسنا بحاجة الى أبو مازن والى التعاون الأمني معه”، هذا ما قاله افيغدور ليبرمان. لأن هذا التعاون يخدم الفلسطينيين فقط، كما قال وزير الدفاع الاسرائيلي. يوجد لنا اصدقاء عرب آخرين أفضل منه. انظروا كيف يتعمق التعاون الامني مع مصر، لم يسبق أن كانت علاقاتنا مع دولة عبد الفتاح السيسي افضل. ولكن ما العمل، هذا الصديق ايضا لم يستنكر العملية في حلميش. هل سيفعل ذلك عبد الله ملك الاردن أو سلمان ملك السعودية الذي نتوق لمصافحته، إلا أنهما ايضا لم يفعلا ذلك.

 رغم ذلك ليس هناك شركاء مثلهم في العمليات السياسية على مستوى الشرق الاوسط. التعاون مع الاردن فيما يتعلق بالحرب السورية هو منذ زمن جزء من التحالف الاستراتيجي مع الملك الذي لا يستنكر. عندها حدث ما حدث في مبنى الحراس في عمان وقتل مواطنين اثنين. ليس بالضرورة أن نعتذر على الفور أو نستنكر أو نعبر عن الأسف. فتركيا ايضا انتظرت اعتذارنا ثلاث سنوات بعد أن قمنا بقتل تسعة مواطنين اتراك في سفينة “مرمرة”. وما الذي حدث؟ ها نحن والاتراك معا. كل شيء جيد. هل اعتذر أحد على قتل أسرى الحرب المصريين في حرب الايام الستة؟ وعلى مجزرة دير ياسين؟ ماذا قيل في فيلم “قصة غرام”: “معنى الغرام أن لا تقول أبدا إنك تعتذر”. واسرائيل كما هو معروف دولة رومانسية. وهي لا تعتذر.

أبو مازن لا يستنكر ولا يعتذر لأنه عدو. صحيح أن سلوكه مع حكومة اسرائيل وتصريحاته الدائمة التي تؤكد على عدم جدوى العنف تخلق الانطباع بأنه ليس عدوا. ايضا صراعه ضد حماس قد يجعل الناس يفكرون خطأ بأنه عضو في الليكود أو في اسرائيل بيتنا.

ولكن هذا الشخص لا يخفي رغبته في طرد الاحتلال. صحيح أنه يريد ذلك عن طريق الاتفاق وعن طريق الدبلوماسية في الساحة المحلية والدولية، وهو لا يرى حاجة أو سبب لكسب ثقة الشعب اليهودي من خلال تصريحات التنديد. هو يريد احتلال قلوب أبناء شعبه. وقد تعلم عشرات السنين في المدرسة الاسرائيلية بأن خطوات بناء الثقة هي مصدر خطوات تدمير الثقة. وهذه هي الخطوات التي حولته الى كرة من القماش في يد اسرائيل.

يمكننا أن نطلب من أبو مازن شيئا واحدة فقط وهو التنديد بالسيسي والملك عبد الله عندما ينددان. واذا كانت اسرائيل مستعدة لقبول شركاء لا يستنكرون، فان أبو مازن هو شريك.

هآرتس  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى