بقلم غالب قنديل

ترقيع لا يرد الإهانة

غالب قنديل

ان يصمت رئيس الحكومة ولا ينطق بحرف ردا على الإهانة التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الدولة اللبنانية ومضمون الوفاق الوطني اللبناني ونص البيان الوزاري الذي منحت الحكومة عليه ثقة المجلس النيابي فتلك سقطة كبيرة وثقيلة للنظام السياسي البائس ومنتهى التهاون امام الأجنبي المتغطرس الذي أورد اسم احد أبرز شركاء الائتلاف الحكومي إلى جانب عصابتي داعش والنصرة وظل كلامه بدون رد امام كاميرات المراسلين في البيت الأبيض .

التصريح الاستلحاقي الذي ادلى به الرئيس سعد الحريري من واشنطن تضمن ردا متاخرا على كلام الرئيس الأميركي ولكنه لم يرد على التطاول والإهانة في هذا الكلام الذي يجسد ارتباط الولايات المتحدة باولويات الكيان الصهيوني في منطقتنا وهو يكشف عدم منطقية المواقف التي يكررها ساسة لبنانيون بينهم رئيس الحكومة نفسه عن المصلحة في مراعاة العلاقات اللبنانية الأميركية والتي قدم مشهد واشنطن صورتها الإذعانية بكل دقة.

لبنان كما يقدمه رئيس الحكومة مستلب لواشنطن ومدله بتنفيذ مشيئتها رغم اقترانها الوثيق بكيان العدو الذي يهدد لبنان وسيادته وثرواته ويحتل أراض لبنانية بكل فجور وتهمل “رؤية” الرئيس الحريري عن قصد وجود مروحة من الخيارات المهمة والمفيدة في السياسة الخارجية من روسيا والصين إلى إيران التي قال ان ترامب لم يطلب منه موقفا عدائيا اتجاهها فهل يحضر بذلك لزيارة طهران إن سمحت له المملكة بذلك ام هو يمهد لمسايرة رغبة الرئيس ميشال عون في تلبية الدعوتين الإيرانية والسورية ردا على مبادرة التهنئة السباقة بانتخابه؟.

جميع الدول المستقلة في العالم تراجع حساباتها السياسية وتسقط كثيرا من الأوهام المترسبة من حقبة الهيمنة الأحادية الأميركية وتحفزها مصالح استراتيجية واقتصادية كثيرة ومهمة لتوسيع مروحة الصداقات والشراكات بدلا من بلاهة الارتهان البليد للسيد الأميركي التي يروجها فريق من اللبنانيين كانوا في لوبي الاحتلال الصهيوني للبنان منذ الثمانينيات عبر المكاتب الخارجية لميليشيات القوات اللبنانية وعملوا ضد سورية والمقاومة تحت قيادة اللوبي الصهيوني الأميركي لسنوات ونشطوا في خدمة العدو الصهيوني وهم مقربون منذ التسعينيات من بطانة اميركية محسوبة على تيار المستقبل وبينهم أصدقاء للوزير وليد جنبلاط ويتردد مؤخرا انهم يسعون للتسلل إلى محيط وزير الخارجية ونأمل ألا يفلحوا.

بغض النظر عن هذا التفصيل إن استدراك الرئيس الحريري بتصريح صحافي هو دليل حسن نية وتعبير عن رغبة في ترقيع المشهد لكنه لا يسقط مفاعيل الإهانة والإساءة الأميركية بحقه وبحق الدولة اللبنانية.

التصريح الموزع من واشنطن بعد أربع وعشرين ساعة على الواقعة المهينة يمثل محاولة للتنصل والتبرير امام الرأي العام اللبناني وشركاء الائتلاف الحكومي قبل حزب الله الذي احتوى امينه العام في خطابه تلك السقطة الرسمية لرئيس مجلس الوزراء بكل رفق وحكمة حرصا على الوحدة الوطنية ولحماية التفاهم على أولويات الدفاع عن البلد ضد وحش التكفير.

إن كل دولة مستقلة في العالم تسعى لتوسيع مروحة تحالفاتها الدولية والإقليمية لتحصين سيادتها الوطنية في وجه خطط الهيمنة الأميركية فكيف بالنسبة للبنان الموجود في منطقة تستهدفها الضغوط والتدخلات الأميركية المكرسة لخدمة الكيان الصهيوني في منطقتنا ومحورها الرئيسي في لبنان استهداف حزب الله كحركة مقاومة كسرت هيبة الردع الصهيونية وأسهمت بقوة في صد وحش التكفير الإرهابي الذي دعمه الأميركيون وأعوانهم وأذنابهم لتعويض عجز الصهاينة امام محور المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى