عبر لمن يفهم ويتعلم
غالب قنديل
يمكن القول إن احداثا فاصلة ونوعية قد تتراكم احيانا في زمن قياسي قصير وكأنها عابرة في التاريخ لكنها لقيمتها وتأثيرها تستوجب ترسيخا في ذاكرة الشعوب وتسجيلا لدروسها الثمينة.
من المبكر التعامل مع معارك تحرير الجرود الشرقية من حيث خلاصاتها ودروسها وإنجازاتها فهي حدث ما يزال جاريا ومستمرا وإن أوشك المقاومون على إنجاز الفصل الأول من خطتهم لكن المتبقي لا يقل اهمية والأيام المنقضية منذ إعلان قائد المقاومة عن المهلة الأخيرة وانطلاق عمليات تحرير الجرود قدمت لنا مجموعة من المؤشرات التي تستوجب التوقف .
اولا مصداقية حزب الله السياسية والميدانية محصنة بثقة كبيرة وبتعاطف شعبي لبناني واسع وهو انتزع بجدارة وبفعل تراكم متواصل منذ سبعة عشر عاما حتى اليوم كقوة تحرير سيادية وكقوة حماية للشعب والوطن تحظى بثقة الناس وتنشر الطمأنينة لقدراتها الهائلة والمتطورة التي يعترف بها العدو الصهيوني كل يوم وهذا ما كشفته موجة التضامن العارمة مع المقاومة بصورة تنتزع مزيدا من اعترافات الخصوم الذين كرسوا جهودهم لتشويه سمعة الحزب ومناضليه وتطوعوا في حملات التحريض التي استهدفته لسنوات.
ثانيا حكمة حزب الله وحلفائه في التعامل مع الواقع السياسي اللبناني العاجز والمعطوب بسبب ارتهان البعض للغرب ولأعوانه وادواته في المنطقة دفعته لتعويض بعض ثغرات الموقف الرسمي القاصر فقيادة المقاومة امنت التواصل والتنسيق مع الشقيقة سورية والجيش العربي السوري الذي ساهم في تحرير الجرود المحتلة بطيرانه الحربي وإسناده الناري للمقاومة وحيث اقتضى الأمر كانت المقاومة هي جسر التواصل الطبيعي بين الجيشين الشقيقين اللبناني والسوري في ظل تمترس بعض من في السلطة عند خطوط الحظر السعودية والأميركية.
ثالثا لا جدوى من صرف المليارات لشيطنة المقاومة والإساءة إليها فهي نجحت في قلب المعادلات وتغلبت على أعدائها الأميركيين والصهاينة وأذنابهم وكسبت القلوب والعقول لأنها تشهر حقيقتها النقية في وجه اطنان الكلام التحريضي واجترار الهواء ومليارات الخطط الأميركية السعودية القطرية لتشويه السمعة وبث النعرات ولفرض العقوبات وبحقيقة الدم والبطولات الواضحة والإنجازات الواقعية ونقاء الإرادة وسمو الأهداف استطاعت ان تحظى بمكانة الحامي والمدافع السيادي في نظر جميع اللبنانيين.
رابعا صبر المقاومة وطول بالها على كل التنغيص اللبناني الاستعدائي أثمر تحولا مهما عند الناس الذين اكتشفوا تباعا صدقها ووطنية دورها وأهدافها ونجاحها في نسج شراكات وطنية شاملة خارقة للخنادق الوهمية الطائفية والمذهبية وحلفها الوطني الكبير الداعم الذي يضم قوى رئيسية فاعلة من جميع المشارب كل ذلك وفر لها عمقا لبنانيا هادرا يعزل أصوات النشاز .
خامسا تمكنت المقاومة برشادها وحكمة قيادتها ورجاحة عقول شركائها الكبار وخصوصا الرئيسين ميشال عون ونبيه بري من إدارة شبكة معقدة من العلاقات والتحالفات وتخطي صعوبات كثيرة لتشد انتباه الجميع دائما إلى الخطر الرئيسي والقضية المركزية سواء في وجه العدوانية الصهيونية ام لصد التهديد التكفيري وهي ساهمت بقوة من خلال هذه المنظومة الوطنية المركبة في احتواء الفتن وخطط التفجير الداخلي لصالح دعوتها المتجددة للتوحد ضد التهديدات الوجودية.
سادسا إن تضحيات المقاومة في سورية وشراكتها مع الجيش العربي السوري وحرصها على الشراكة الوطيدة مع الجيش اللبناني توأم الدفاع والتحرير شكلت رصيدا فعليا للنصر الحاسم في الجرود وهو إنجاز يطوي سجالات ونقاشات عقيمة حركها أيتام فيلتمان ضد شراكة حزب الله في القتال إلى جانب الدولة الوطنية السورية مركز محور المقاومة في المنطقة.