قرر بدو سيناء أخذ زمام المبادرة : تسفي برئيل
وزير الثقافة المصري، حلمي نمنم، هو مؤرخ وصحافي سابق، وكان شريكا في انشاء صحيفة “المصري”، وكان مسؤولا عن الارشيف القومي. في الاسبوع الماضي افتتح معرضا استثنائيا باسم “فنانو سيناء ضد الارهاب”، الذي وضعت فيه 70 لوحة لفنانين من شمال سيناء. قد تكون هذه اللفتة المدنية الوحيدة التي قامت بها الحكومة المصرية مؤخرا تجاه مواطني سيناء الذين يعيشون تحت الحصار المزدوج – حصار القوات الامنية التي تغلق شمال سيناء من جميع الجهات، وحصار التنظيمات الارهابية التي تقوم بتنفيذ العمليات في تلك المنطقة .
في يوم السبت الماضي تم عقد مؤتمر خاص في القاهرة لنقاش طرق محاربة الارهاب في سيناء، لكن مشكوك فيه أن الاستنتاجات التي توصل اليها المتحدثون قابلة للتطبيق في الميدان. وكانت أهم التوصيات متعلقة بتطوير الصناعة في شمال سيناء لتوفير اماكن عمل تمنح البدو البديل عما يحصلون عليه من تعاونهم مع التنظيمات الارهابية. وهذا ليس استنتاج جديد، فالخبراء الاقتصاديين والامنيين يقولون منذ سنوات إن التطوير والعمل والتعليم والبنى التحتية هي امور حيوية من اجل محاربة الارهاب. وقد تعهد الرئيس السيسي أكثر من مرة بتخصيص الموارد لتطوير سيناء. والسعودية تعهدت بتخصيص مليار ونصف مليار دولار من اجل هذا الهدف. وهناك رجال اعمال من مصر على استعداد للمشاركة في هذه الجهود. ولكن باستثناء الاقوال والتصريحات أو قص الشريط في معرض “فنانو سيناء”، لم يتم فعل الكثير.
على خلفية اهمال ولامبالاة الحكومة لتطوير المناطق البدوية، قرر بعض رجال الاعمال البدو فعل شيء من اجل بناء المستقبل واعادة سيناء الى سابق عهدها، حين كانت تجذب اليها السياح. وبعد سنة من الاعداد وسنوات من فحص المنطقة، قام أبناء القبائل الذين يعيشون في وسط سيناء بافتتاح “درب سيناء”، الذي يبلغ طوله 200 كم ويبدأ من نويبع وينتهي في سانتا كاترينا. في هذا المكان الجميل تعيش قبيلة الطرابين وقبيلة مزينة وقبيلة جباليا، وكل قبيلة من هذه القبائل مسؤولة عن مقطع من هذا الطريق. وكل قبيلة تقوم بتوفير المرشدين السياحيين البدو للمقطع الخاص بها، والسياح يستطيعون استئجار مرشد وخدمات نقل على الجمال أو القيام بالرحلة بشكل مستقل.
“الهدف من ذلك هو تعزيز السياحة التي عانت كثيرا مؤخرا بعد الربيع العربي، وتعريف العالم على الثقافة البدوية”، كتب في موقع “درب سيناء”. وهو موقع مليء بالمعلومات تم نشره باللغة العربية واللغة الانجليزية، ويتحدث القائمون على المشروع عن الوقت الاكثر ملاءمة لزيارة السياح في سيناء وعن الأدوات التي يجب أخذها معهم. وفي الليل ينام السياح في الفرشات الخاصة وفي النهار يتعرفون على الحيوانات وعلى تاريخ المنطقة ويستمعون الى الاساطير البدوية، ويمكن الاستحمام مرة كل يومين.
وتبلغ تكلفة الرحلة 550 – 700 جنيه مصري. وهذا السعر يشمل المرشد والجمل وقائده والطعام والمياه، لكنه لا يشمل تأشيرة الدخول الى مصر والوصول الى نقطة الانطلاق. اصحاب المشروع يتحدثون عن الهدوء الذي يسود في وسط وجنوب سيناء، لكن هذا الوضع قد يتغير في أي لحظة، لهذا فان من يحجز في هذه الرحلة يقوم بالتوقيع على تنازل في حالة تعرضه للاصابة أو الموت أو أي مشاكل اخرى.
“درب سيناء” هو مبادرة هامة ليس فقط لأن الحديث يدور عن مشروع بدوي خالص، بل لأنها مبادرة تؤكد على أن سيناء ليست كلها مصابة بالارهاب. ورغم ذلك، مشكوك فيه أن يتمكن المشروع من احداث التغيير الذي يطمح اليه البدو في سيناء.
هآرتس