فورين بوليسي: عواقب عالمية لعدم كفاءة ترمب
انتقدت مجلة فورين بوليسي الأميركية سياسات الرئيس دونالد ترمب، وأشارت إلى ما يتصف به من فظاظة في تعامله مع الآخرين، وتحدثت عن بعض العواقب ذات الأبعاد العالمية الناتجة عن عدم كفاءته .
فقد نشرت المجلة مقالا للكاتب ستيفن وولت قال فيه إن القوى الفاعلة في العالم -من الصين إلى الخليج إلى أوروبا- بدأت تتحرك قدما من دون الولايات المتحدة، وأشار إلى الصخب الإعلامي المحلي والعالمي الذي رافق ترشح ترمب أو تناول سلوكياته وتصرفاته حتى توليه زمام الأمور في البيت الأبيض.
وقال الكاتب إن الأمر الأهم ليس ما يتعلق بمدى فظاظة ترمب، ولكن بما يخص عدم كفاءته بشكل واضح ومتزايد.
وأضاف أنه عندما حذر بعض الجمهوريين من ذوي الخبرة في الحملة الانتخابية في 2016 بأن ترمب لا يصلح أن يكون رئيسا، فإن معظم مخاوفهم كانت تدور حول قضايا متعلقة بشخصيته، وإنهم لم يجعلونا نستعد لنرى مشاهد التهريج والحماقة التي ميزت إدارته لدفة الحكم منذ اليوم الأول.
وأوضح وولت أنه يعني بالكفاءة في ما يتعلق بالرئيس ترمب ذلك التعريف الوارد في قاموس أكسفورد الإنجليزي، والمتمثل في مدى القدرة على القيام بشيء معين بشكل ناجح أو فاعل.
وأضاف الكاتب أن الكفاءة في السياسة الخارجية تعتمد على المعرفة الكافية بحال العالم وبالقوى الرئيسية المؤثرة في السياسة العالمية، وذلك بحيث يتمكن المرء من اتخاذ الخيارات السياسية الذكية، بل إنها تعني أيضا وجود المهارات التنظيمية والانضباط، وحُسن اختيار المرؤسين المناسبين وحثهم على دمج كل المهارات المختلفة، وذلك سعيا لتحقيق الأهداف المختارة بعناية.
وأضاف أن الكفاءة في السياسة الخارجية تتطلب القدرة على تحديد الغايات التي من شأنها جعل البلاد أكثر أمنا وازدهارا، وتتطلب كذلك تجميع الوسائل المختلفة من أجل تحقيق النتائج المرجوة.
وتحدث الكاتب بإسهاب عن بعض المحاور التاريخية التي سبق لبعض الإدارات الأميركية السابقة الاستفادة منها في المجالات المختلفة، وذلك من خلال توفر عنصر الكفاءة لدى الجهات والأشخاص المعنيين والاختصاصات المختلفة.
وأشار وولت إلى الانتصار في الحرب العالمية الثانية وإلى إنشاء بعض المؤسسات الرئيسية في مرحلة ما بعد الحرب مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو) وإلى التقدم التقني الذي شهدته الولايات المتحدة وإلى مرحلة الهبوط على سطح القمر، وصولا إلى حرب الخليج الأولى.
واستدرك بالقول لكن الأشياء بدأت تتغير من الجيد إلى السيئ إلى الأكثر سوءا، ومضى في الحديث عن جوانب مختلفة من الإخفاقات الأميركية في السنوات الأخيرة إلى أن قال إن آثار عدم كفاءة الرئيس ترمب صارت واضحة بشكل كبير.
ومضى الكاتب بسرد بعض الأخطاء الكبيرة في سياسات ترمب مثل تلك المتعلقة با،نسحاب الولايات المتحدة من اتفاق تجارة الشراكة عبر المحيط الهادئ، الأمر الذي قوض موقع أميركا في آسيا وفتح الباب أمام المزيد من النفوذ الصيني.
وأشار إلى إعلان ترمب عن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس حول المناخ، وإلى قضايا إستراتيجية أخرى تنم عن ارتباك السياسات الأميركية.
وقال إن البلدان الأخرى -في مثل هذه الأحوال- لن تولي اهتماما كبيرا للنصائح أو التوجيهات أو الطلبات التي تقررها واشنطن، بل إنها ستمضي لفعل ما تريد دون الرجوع إلى رأي الولايات الولايات المتحدة.
وأوضح وبدأنا نشهد علامات واضحة على تجاهل البعض للدور الأميركي، ومثال ذلك تجاهل السعودية للجهود الأميركية الساعية لإيحاد حل للخلاف المحتدم بين دول خليجية ودولة قطر، وذلك في ظل استغلال السعودية لطبيعة شخصية ترمب الهشة التي انكشفت في زيارته الأخيرة إلى الرياض.
وأشار الكاتب إلى قرب توصل اليابان والاتحاد الأوروبي إلى إبران اتفاق تجارة حرة واسع النطاق، وإلى أن المحادثات بهذا الشأن تجري بين الدول دون وجود الولايات المتحدة في ما بينها.
وقال إنه بدلا من الاعتماد على توجيهات الولايات المتحدة أو دعم المبادرات السياسية الأميركية بشكل عام، فإن الدول التي تفقد الثقة في كفاءة واشنطن ستبدأ في التحوط واتخاذ الترتيبات الخاصة بها، بل إن هذه الدول ستتعامل في ما بينها ومع الدول التي تعتبر خصوما للولايات المتحدة نفسها. وإن هذا ما يحدث الآن بالفعل في ما بين الصين وإيران، وإنه يمكن أن نتوقع المزيد.