السيناريو الأميركي لمرحلة ما بعد وقف النار في الجبهة الجنوبية حميدي العبدالله
إذا كانت أسباب التوصل إلى اتفاق لوقف العمليات في الجبهة الجنوبية، باتت معروفة، وهي درء امتداد الحرب السورية إلى الأردن والكيان الصهيوني، وإجهاض تحوّل الاحتقان الروسي – الأميركي إلى مواجهة عسكرية، فقد بات واضحاً أيضاً أنّ ما تمّ الاتفاق عليه حتى الآن، هو وقف العمليات العسكرية، أيّ تجميد الحسم العسكري الذي بدأه الجيش السوري، على أن يتمّ تثبيت وقف العمليات العسكرية من خلال مراقبة الشرطة العسكرية الروسية، لأنّ الدولة السورية ترفض أيّ مشاركة عسكرية أميركية في ترتيبات وقف إطلاق النار، لأنّ الولايات المتحدة تقف ضدّ الدولة السورية ولم يحظ وجودها في سورية بشرعية لا من الدولة السورية ولا من مجلس الأمن، في حين أنّ الوجود العسكري الروسي وجود شرعي .
لكن الأمر الأهمّ، هو ماذا بعد وقف إطلاق النار؟
واضح أنّ هناك سيناريو جرى الحديث عنه من قبل بعض مواقع المعارضة المرصد السوري وبعض الصحافة الغربية صحيفة لوموند الفرنسية بتاريخ 10/7/2017 وهو السيناريو الذي تعمل من أجله الولايات المتحدة، بمساندة «إسرائيل» و«الأردن» وهو ما كشفه مسؤول أردني لـ «وكالة أسوشيتد برس» إذ قال «يمكن أن تجري محادثات لوضع بعض المناطق تحت سيطرة الدولة السورية» ولكن «ذلك يتعلق أيضاً بالقدرة على منع تمدّد حزب الله وإيران» نحو خط وقف إطلاق النار في الجولان والحدود الأردنية.
بعبارة أخرى يمكن أن يترسّخ وقف إطلاق النار وتجميد العمليات بشكل نهائي في حال التوصل إلى اتفاق يتمّ بموجبه اقتصار انتشار الوجود المسلح على القوات السورية النظامية على خط وقف إطلاق النار في الجولان وعلى الحدود الأردنية، مقابل ضمانات أن لا يكون في هذه المناطق أيّ وجود عسكري لحزب الله أو إيران. ولعلّ هذا ما قصده نتنياهو بقوله: سيرحب بالاتفاق إذا لم يقد إلى تغلغل حزب الله وإيران وملئ الفراغ الناجم عن وقف إطلاق النار.
لا شك أنه دون إتمام الاتفاق قضايا يجب حلها:
أولاً، مدى الاستعداد لإنهاء وجود كافة الجماعات المسلحة في المنطقة التي يشملها الاتفاق، والتسليم بحصرية الوجود العسكري للقوات السورية من قبل الولايات المتحدة والأردن والكيان الصهيوني، وفي مطلق الأحوال لا يمكن أن تتحوّل الهدنة إلى اتفاق من دون تحقيق هذا الشرط.
ثانياً، ألا يقود الاتفاق إلى تكريس تقسيم أمر واقع، أو يسمح بنفوذ ما للكيان الصهيوني والمخابرات الأردنية والأميركية في هذه المنطقة.
إذا لم يُصر إلى تلبية هذه الشروط، فلن يتحوّل اتفاق التهدئة إلى اتفاق نهائي. لكن قد يكون من مصلحة الطرفين استمرار التهدئة، الجيش السوري من أجل التفرّغ للعمل على جبهات لها أولوية على هذه الجبهة، والطرف الأميركي الإسرائيلي – الأردني، للحؤول دون حصول مواجهة إقليمية كبرى. في هذه الحال لن يصار إلى تطوير الهدنة إلى اتفاق بانتظار جلاء الوضع العام في كلّ أنحاء سورية.
(البناء)