البوابات الالكترونية جيدة: ناحوم برنياع
على مدى يومين اغلق الحرم في وجه الزوار. كان هذا قرارا صحيحا، واعيا من القيادة السياسية. ومع كل الاحترام للضغط الذي يتعرض له عبدالله ملك الاردن، السلطة الفلسطينية وحكومات اخرى في العالم العربي، مع كل الخوف من اشتعال متجدد للإرهاب من القدس، من غزة ومن الضفة كان ينبغي التآكل بأنه لا يوجد المزيد من السلاح في الحرم. كان هاما ايضا الايضاح، مع التوجه إلى المستقبل، بأنه لا حصانة للحرم .
فهو لا يمكنه أن يصبح مدينة ملجأ للمخربين. وعندها جاءت البوابات الالكترونية.
توجد للحرم ثماني بوابات. أمس نصبت الشرطة بوابات الكترونية في المداخل. ولما كانت البلدة القديمة مغلقة في وجه الزوار من الخارج، فإن عدد المصلين الذين دقوا البوابات كان صغيرا. بعضهم اخذ بالحكم، اجتاز التفتيش ودخل. آخرون، بضع مئات، فضلوا التظاهر امام الشرطة والكاميرات. وانتهى الحدث بسلام، هذا لا يعني شيئا بالنسبة للاحداث التالية.
البوابات الالكترونية هي من اجل اليهود وليس من اجل العرب. كل من يعرف الواقع في الحرم يفهم هذا. فمن يريد أن يهرب سلاحا او مواد قتالية إلى الحرم، سينفذ مأربه ليس في يوم كأمس، بل في يوم يدق فيه مئات الاف المصلين البوابات. في مثل هذه الايام لا يوجد سبيل لتفعيل فحص تفصيلي. وبالتأكيد ليس امام سكان معادين، ونساء التفتيش لديهن-كما يفترض -حساسية خاصة، شبان حامو العقول وكاميرات تلفزيون من كل العالم. البوابة الالكترونية ستولد حشر، والحشر سيولد جلبة، والجلبة ستجبر الشرطة على ضخ الجموع إلى الداخل. ومن يريد أن يدخل سلاحا ومواد قتالية، سيحصل على فرصته دون أن يجتهد.
اعلن نتنياهو امس، من رحلته في الخارج بأنه «بخلاف اقوال محافل في الشرطة، فإن البوابات الالكترونية لن تزال». مشوق ان نعرف ما يقوله عندما يتبين ان سلاحا دخل إلى الحرم رغم البوابات الالكترونية. من سيتهم؟
سيسأل القاريء، وعن حق، لماذا توجد على مداخل الحائط الغربي بوابات الكترونية ولا توجد على بوابات الحرم. الجواب مزدوج: اليهود الذين يزورون الحائط لا يرون في التفتيش الامني فعلا يرمي إلى اهانتهم؛ ثانيا، في الايام المحتشدة على نحو خاص، تضطر الشرطة غير مرة الاكتفاء بتفتيش عشوائي.
الحرم هو مكان متفجر. كل حدث يقع فيه، او يدعى انه وقع فيه، يستدعي إرهابا في اماكن قريبة وبعيدة. لإسرائيل مصلحة عليا في الحفاظ على الحرم مفتوحا، لاسباب سياسية ودعائية. وهي لا يمكنها أن تسمح لنفسها بحرب دينية مع العالم الاسلامي. القواعد التي تقررت لادارة المجال معقدة. وهي تربط معا شرطة إسرائيل، الاسرة المالكة والسلطة الفلسطينية والاوقاف الاسلامية. وهي تتطلب حوارا يوميا بين مسؤولي الاوقاف وبين جهات إسرائيلية، وعلى رأسها الشرطة. مثل هذا الحوار ليس موجودا اليوم. ومن شأن هذا ان يكون القصور الذي يولد الضائقة التالية. يميل مسؤولو الاوقاف إلى تأييد الاسرة المالكة الاردنية. وحتى اولئك الذين يتأثرون بالسلطة الفلسطينية أكثر، يعتبرون كارهي حماس. اذا كانت حقيقة في المثل الذي يقول عدو عدوي صديقي فإن الاوقاف هي شريك.
فما بالك أن قواعد اللعب في الجانب اليهودي تتغير. فالجمهور الديني القومي يجتذب إلى الحرم بحبال سحرية. المزيد فالمزيد من اليهود المتدينين يسعون إلى الحجيج إلى هناك، لعقد المناسبات، للصلاة. وينظر المسلمون إلى هذه الظاهرة كمحاولة سيطرة مقصودة من دولة إسرائيل. هذه المادة المتفجرة لم تهرب إلى الحرم: فقد وصلت إلى هناك بالاذن وبالتخول.
إسرائيل هي صاحبة السيادة في الحرم. هذا حق يرافقه واجب. فصاحب السيادة عليه أن يتصرف كصاحب سيادة: ان يفرض ارادته، ولكن ايضا ان يضمن حقوق الاخرين. يحتمل ان يكون السبيل للايضاح للفلسطينيين من هو صاحب السيادة في الحرم لا يمر في البوابات إلى المجال بل في اماكن اخرى، في الصراع ضد الدعاة المتطرفين، مؤيدي حماس، في شرقي القدس؛ في المواجهة مع الجناح الشمالي للحركة الاسلامية في إسرائيل، والذي اخرج عن القانون ولكنه يواصل العمل في المساجد؛ وفي الحوار مع جهات براغماتية، بمن فيها الدوائر في داخل الاوقاف. المؤكد هو أن البوابات الالكترونية لن تجدي نفعا.
يديعوت