نتنياهو خدع المراقب: غيدي فايتس
التقرير الخاص الذي نشره أمس مراقب الدولة يرتب عدة قطع في بازل العلاقات بين الدولة و«بيزك» وبين اصحاب الاحتكار شاؤول الوفيتش وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. الصورة التي تتضح من التقرير، اضافة إلى تقارير صحافية سابقة، هي كالتالي: رئيس الحكومة واصحاب «بيزك» هم اصدقاء قدامى، ورغم الصداقة عمل نتنياهو بشكل مباشر وغير مباشر في قائمة طويلة من الامور المتعلقة ببيزك. وبالتوازي حصل نتنياهو على صحافة مجندة من اجله في موقع «واللا» وهو الموقع الذي يسيطر عليه الوفيتش، كما كشف في تحقيق ملحق «هآرتس». وبعد التحقيق قيل إن رئيس الحكومة لن يتدخل في شؤون بيزك، لكن في مقدمة المنصة بقي حامل سر نتنياهو، مدير عام وزارة الاتصالات شلومو فلبر، الذي عمل بشكل يعنى بشؤون بيزك إلى درجة أن مراقب الدولة يخشى من أنه أصبح أسيرا للاحتكار، ومن تضرر من هذه المصالح هو الجمهور .
اثناء استعراضه للامتيازات التي حصلت عليها بيزك من الدولة أضاف يوسف شبيرا قطعة هامة للبازل، حين يتم الغوص في اعماقها وتحليل رموزها يتم اكتشاف أنها قد تورط نتنياهو في قضية اخرى، في مركزها ما يبدو وكأنه تصريح كاذب مشفوع بالقسم. يبدو أن المستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت سيضطر إلى التدخل.
كانت بداية القصة في أيار/مايو 2015. عشية اقامة حكومة نتنياهو الرابعة، حيث توجه مراقب الدولة لرئيس الحكومة والوزراء الجدد وطلب منهم تعبئة استمارة للتأكد من عدم وجود مصالح متضاربة، وتسليمه هذه الاستمارة هو والمستشار القانوني للحكومة. وقد كان ذلك وقت تفصيل العلاقات بين الوزراء وبين الجهات صاحبة المصلحة التي قد تتأثر من السلطة التي لديهم. صحيح أن نتنياهو كان رئيسا سابقا للحكومة، لكن طلب منه تعبئة التصريح المشفوع بالقسم انطلاقا من منصبه الجديد كوزير للاتصالات.
يتبين الآن أن النقاش بين شبيرا ونتنياهو لم يقتصر على التوجه العام، ولم يبق لنتنياهو أي مجال لنسيان اصدقاء لهم مصالح في سوق الاتصالات. وبعد اسبوعين توجه مراقب الدولة مجددا لرئيس الحكومة وأبلغه عن وصول معلومات تفيد بأن مكتب المحامين شومرون ـ مولخو يمثل جهات مركزية في الاتصالات. في حين أن الشريكين في مكتب المحامين مقربين من نتنياهو ـ دافيد شومرون هو محامي العائلة، واسحق مولخو هو المبعوث الخاص للمهمات السياسية الحساسة. وقد خشي المراقب من أن هذا الوضع قد يضع نتنياهو كوزير للاتصالات أمام مصالح متضاربة.
طلب المراقب أن يعقب نتنياهو على هذا الأمر، وطلب منه التحدث بالتفصيل عن علاقات اخرى تتعلق بمنصبه الجديد. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2015، أي بعد نصف سنة، ارسل نتنياهو لمراقب الدولة استمارة تناقض المصالح، وفيها صلة واحدة فقط: مكتب مولخو ـ شومرون. «باستثناء التفاصيل التي وضعتها في هذه الاستمارة، لا توجد لدي أي فكرة عن أي أمر من شأنه أن يجعلني قلقا من تناقض المصالح مع المنصب»، هذا ما كتب في الاستمارة الموقعة التي طلب فيها من نتنياهو تفصيل أي عمل لصديق قد يجعله أمام تناقض المصالح.
ويتبين من احداث الاشهر الاخيرة أن نتنياهو قد أخفى عن مراقب الدولة تفاصيل جوهرية وقدم له تصريحا مشفوعا بالقسم لا يعكس الحقيقة.
وقد نسي نتنياهو أن يشير إلى صداقته مع أحد اللاعبين الاقوى في سوق الاتصالات ـ صاحب بيزك، شاؤول الوفيتش. وبعد تحقيق «هآرتس» تطرق المستشار القانوني لهذا الامر وطلب من رئيس الحكومة توضيح علاقاته مع الرجل الثري. وفي رد نتنياهو كتب «لرئيس الحكومة علاقات صداقة مع السيد الوفيتش. منذ عشرين سنة توجد علاقة اجتماعية بينهما». وفي اعقاب هذا الرد تقرر أن يتوقف عن التدخل في شؤون بيزك.
لكن الوفيتش ليس الصديق الوحيد الذي نسيه نتنياهو. ومعروف الآن بأنه عندما وقع نتنياهو على التصريح لمراقب الدولة كان ارنون ملتشن، صاحب الاسهم في القناة العاشرة، أحد اصدقاءه المقربين. مصير ووضع القناة يرتبط بشكل مباشر مع قرارات وزير الاتصالات، مثلا القضية التي توجد على جدول الاعمال اليومي: تقسيم القناة الثانية وتأثير ذلك على بقاء القناة العاشرة. هذا هو المكان للتذكير بأنه حسب الأدلة التي جمعها محققو الوحدة القطرية، فإن نتنياهو وزوجته حصلا على صناديق السيجار بشكل دائم، وزجاجات الشامبأنيا والمجوهرات من صاحب المصالح.
قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ردا على هذا النبأ «هذه محاولة اخرى لخلق قضية ضد رئيس الحكومة. رئيس الحكومة لم يخف أي شيء. وعلاقاته مع ملتشن كانت معروفة للجميع. وبالنسبة لالوفيتش كانت هناك علاقة صداقة لا أكثر من ذلك، لكن عندما طرح الأمر من قبل المستشار القانوني للحكومة، عمل رئيس الحكومة حسب التوجيهات والاوامر التي اعطيت له. وجميع القرارات التي اتخذها تجاه سوق الاتصالات وقبل ذلك ايضا، كانت آنية وحسب توصية الجهات المهنية. ومصلحة الجمهور فقط هي التي كانت أمامه». ما زال من السابق لأوانه القول ماذا ستكون التأثيرات القانونية على نتنياهو، لكن تجدر الإشارة إلى القصة التالية: قبل أكثر من عقد عين وزير الصناعة والتجارة في حينه، اهود اولمرت، اهارون دومب مديرا عاما لمركز الاستثمارات. وقبل ذلك ببضعة اشهر تم التحقيق مع دومب للاشتباه بتشويش اجراءات التحقيق، وتم اغلاق الملف في نهاية المطاف. وعشية التعيين قدم دومب للجنة التعيينات في مصلحة خدمات الدولة استمارة «اسئلة للمرشح» قبل أن يتم تعيينه في المنصب الرفيع. وسئل في الاستمارة اذا كان تم التحقيق معه تحت طائلة التحذير في التحقيق الذي لم ينته بعد. واذا كان الجواب نعم، فيجب عليه التحدث بالتفصيل. إلا أن دومب ترك هذه الخانة فارغة. ونتيجة ذلك قامت النيابة بتقديمه للمحاكمة، وتم منع تعيينه وتمت ادانته بعد توقيعه على صفقة مع النيابة.
في الاسئلة التي اجاب عليها دومب كان هناك تحذير واضح يقول إن اخفاء حقائق هو مثابة مخالفة حسب البند 45 في قانون خدمات الدولة. ولكن المخالفة المركزية التي أدين بها هي الحصول على الرشوة. وعلى خلفية ذلك يصعب فهم كيف أن شخصا حذرا مثل نتنياهو وقع في الحفر التي كان يمكن تجاوزها.
“واللا” في خدمة نتنياهو
يذكر مراقب الدولة في التحقيق الذي نشر في ملحق الصحيفة في تشرين الاول 2015 حول مثلث علاقات نتنياهو ـ الوفيتش ـ بيزك، الذي يسيطر على موقع «واللا». وقد كشف التحقيق كيف أن موقع «واللا» استعبد على مدى سنوات المباديء الصحفية لخدمة المصالح الاقتصادية لصاحب الموقع.
وقد جاء في التحقيق ايضا كيف أن ادارة «واللا» حافظت على رئيس الحكومة نتنياهو، وخصوصا زوجته سارة، وكيف ضغطت على وسائل الاعلام لتقديم مواضيع ايجابية تتعلق بالعلاقات العامة للسيدة نتنياهو، التي كتبها مدير مكتب رئيس الحكومة، وكيف أنها قامت بالرقابة على الاخبار السلبية وغيرت عناوين من شأنها أن تضر بصورتها وصورة زوجها، وكيف طلبت بين الفينة والاخرى الحاق الضرر بالخصوم السياسيين للزوجين.
في تحقيق ملحق هآرتس تم ذكر افعال قام بها نتنياهو ساعدت على الاحتكار. وقد أقال نتنياهو من خلال مكالمة هاتفية مدير عام وزارة الاتصالات آفي بيرغر، الذي دخل إلى صراعات كثيرة مع بيزك من اجل زيادة المنافسة وتقليص سيطرة الاحتكار. وصادق نتنياهو ايضا على صفقة لصالح الوفيتش، وهي صفقة للمهتمين: بيع السيطرة على شركة الاقمار الصناعية «ييس» من يوروكوم (التابعة لالوفيتش) لشركة بيزك (التي توجد تحت سيطرة الرجل الثري) مقابل 680 مليون شيكل في المرحلة الاولى. وكان من المفروض أن يحسم نتنياهو في حينه مصير هذا الامر المتعلق بمصالح الوفيتش: مستقبل وطريقة تطبيق الاصلاحات في خطوط الهواتف الارضية، وهو المجال الذي يعتبر مصدر الدخل الاساسي لبيزك. وفوق كل ذلك حلق استعراض «واللا» المنحاز والعلاقة بين نتيناهو والوفيتش التي تم اخفاءها عن مراقب الدولة.
(هآرتس )