«إسرائيل» والاتفاق الروسي الأميركي حميدي العبدالله
يعتقد كثيرون أنّ الاتفاق الروسي الأميركي الذي قضى بوقف العمليات العسكرية في المنطقة الجنوبية الغربية من سورية لا ترضى عنه تل أبيب، لأنّ تل أبيب لا تقبل أقلّ من «إسقاط النظام» في سورية، وإخراج قوات حزب الله والمستشارين الإيرانيين من بلاد الشام، أو على الأقلّ من المنطقة الجنوبية الغربية.
وتعزّز هذا الاعتقاد بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، الذي قال بأنّ الاتفاق يترك فراغاً ستقوم إيران بملئه، فهل صحيح أنّ الولايات المتحدة قبلت إبرام اتفاق مع روسيا من دون أخذ موافقة تل أبيب المسبقة عليه؟
الوقائع تشير إلى عكس ذلك، أيّ أنّ هذا الاتفاق تمّ التوصل إليه بموافقة الكيان الصهيوني، وقد أشار إلى ذلك الرئيس الروسي الذي قال إنّ الاتفاق ليس فقط مع الولايات المتحدة، بل أيضاً مع الأردن و«إسرائيل».
كان واضحاً أنّ تل أبيب كانت قلقة من تقدّم الجيش السوري باتجاه خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتلّ، ولا سيما بعد فشل الهجوم الذي شنّته الجماعات المسلحة على مدينة البعث بمساندة المدفعية والطيران الإسرائيلي، كما أنها كانت قلقة من حشود الجيش السوري وحلفائه ولا سيما المقاومة اللبنانية على جبهة درعا، حيث اتضح أنّ استمرار المعارك سيقود إلى إلحاق الهزيمة بالجماعات المسلحة المرتبطة بغرفة «الموك» وبدأت تباشير هذه الهزيمة تلوح في الأفق في ضوء ما حققه الجيش السوري من تقدّم على هذه الجبهة وارتفاع الأصوات، حتى داخل الجماعات المسلحة المرتبطة بغرفة «الموك»، التي تطالب بتجنيب المناطق التي تسيطر عليها عملية دمار لا طائل منها، وقد أشارت إلى ذلك صحيفة «الحياة» السعودية، عندما بادر الجيش السوري إلى وقف العمليات لمدة 48 ساعة حيث التقى المسؤولون في المنطقة مع وفد من الجماعات المسلحة، وكاد اللقاء أن يتوصل إلى اتفاق لولا التدخل الأميركي الأردني – الإسرائيلي الذي عطّل الاتفاق عبر ممارسة الضغوط على الجماعات المسلحة. ويبدو أنّ تعطيل عملية المصالحة، لم يحل دون بعث رسالة واضحة مفادها أنّ الجماعات المسلحة غير قادرة على مواصلة المواجهة، وبالتالي بات الأردن والكيان الصهيوني والولايات المتحدة أمام خيار خوض المواجهة مباشرة، وتحمّل تبعات امتدادها إلى الأردن وإلى الكيان الصهيوني، أو قبول اتفاق هدنة، ويبدو أنّ اتفاق الهدنة كان بالنسبة لواشنطن وتل أبيب وعمّان هو أهون الشرور.
تعليق نتنياهو المعارض يندرج في إطار سياسة خذ وطالب التي درج عليها الكيان الصهيوني، لا أكثر ولا أقلّ.
(البناء)