تحدي كوريا الشمالية لترامب: ابراهام بن تسفي
اثناء الحرب الباردة، وخاصة اثناء الازمات الشديدة، نجحت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في ادارة الصراعات المتوترة بشكل مدروس وعقلاني نسبيا، مع محاولة انشاء قنوات جديدة للاتصال بين واشنطن وموسكو، ايضا في الفترة التي سبقت وجود الخط الساخن بين الرئيسين.
هكذا نجح رئيس الاتحاد السوفييتي نكيتا خروتشوف والرئيس الأمريكي جون كنيدي معا في وضع الخطوط الحمراء في ذروة ازمة الصواريخ الكورية في تشرين الاول/أكتوبر 1962. وقد اعتبر أن أي تجاوز لهذه الخطوط الحمراء سيؤدي إلى السقوط في الهاوية. وهكذا ايضا تم تحييد خروج الامور عن السيطرة كنتيجة لتشويه الموقف أو سوء الفهم.
لكن خلافا لهذه المميزات للعالم ثنائي القطبية، فإن الازمة الحالية مع كوريا الشمالية تضع تحديا جديدا في وجه القوة العظمى الوحيدة في العالم. وليس من الواضح إذا كان قرار كيم جونغ أون اجراء تجربة لصاروخ بالستي عابر للقارات، والتجاهل الفظ للتحذيرات الأمريكية الواضحة، ليس أكثر من «شحذ السيوف» والتعبير عن رغبته في بث الرعب في الساحة الدولية من خلال عكس صورة القائد غير العقلاني، أو أن هذا يعبر عن الهستيريا والميل إلى العمل غير المتوقع والخطير.
يبدو أن قواعد اللعب التي سمحت للمجتمع الدولي بتجاوز الحرب الباردة، التي كانت راسخة في رغبة البيت الابيض والكرملين الامتناع عن الدمار المتبادل، ليست صالحة أمام الديكتاتور في الشمال. اضافة إلى ذلك فإن نظرية ادارة ترامب التي تقول إن مفتاح كبح بيونغ يانغ يوجد في رافعة تأثير بكين، لم تثبت نفسها حتى الآن. ليس فقط أن الصين تعارض بشدة سياسة «السير حتى النهاية» وادارة الحرب الاقتصادية ضد كوريا الشمالية، بل ليس واضحا ايضا حجم قدرتها على اجبار كيم على تخفيف الاستفزازات. كيم يستمر في التحريض، والتعبير الابرز على ذلك هو اقواله الاستفزازية في نهاية الاسبوع الماضي. وردا على استعراض القوة الجوية للولايات المتحدة وحلفائها، حذرت كوريا الجنوبية واليابان الزعيم في بيونغ يانغ من اللعب بالنار ونشوب حرب نووية. وبسبب صعوبة تجنيد الصين وروسيا من اجل تعميق الحصار وتشديد العقوبات على كوريا الشمالية، فإن الخيارات البعيدة عن الحرب تتضاءل.
ازمة كوريا الحالية تثبت الصعوبة لدى الخصوم الذين يعبرون عن استعدادهم لاشعال الحريق، بغض النظر عن الثمن. أمام من يجلس في المكتب البيضوي يوجد تحد جديد ومعقد. والسؤال هو إلى أي درجة هو مستعد لأن تشمل سياسته جوانب من الصيغة التي بلورها الرئيس بيل كلينتون قبل عقدين لكبح مبادرة السلاح النووي.
رغم أن الصيغة التي اعتمدت على الدمج بين عصا العقوبات وجزرة المساعدات تحطمت في نهاية المطاف في وجه استراتيجية خداع الشمال، إلا أنه لا يجب علينا أن نرفض في الظروف الحالية العودة إلى الدبلوماسية المتجددة التي تشمل ايضا الحوافز. في نهاية المطاف، سياسة الخنق الاقتصادي لن تزعزع بالضرورة مكانة الديكتاتور من كوريا الشمالية الذي ليست لديه رأفة. فمواطنيه الجوعى ليست لهم أي أهمية بالنسبة له ولسياسته.
إسرائيل اليوم