قمة ترامب ـ بوتين: هل هي بداية جديدة في هامبورغ؟: ابراهام بن تسفي
قبل 56 سنة، أي في حزيران/يونيو 1961، عقد في فيينا مؤتمر قمة دراماتيكي بين الرئيس الأمريكي الجديد جون كنيدي وبين الزعيم السوفييتي المجرب، نيكيتا خروتشوف. ورغم محاولة كنيدي اظهار تشدده وتحذير الكرملين من أي محاولة للاخلال بالوضع القائم في الاماكن المتوترة مثل برلين وكوبا، فقد ترك خروتشوف فيينا مع الشعور بأن الشخص الذي أمامه ليست له تجربة وليس ناضجا، وقام بتسميته باستخفاف «فتى التسلية». والنتيجة المباشرة لهذا التصور كان قراره وضع قاعدة صواريخ بالستية متوسطة المدى في كوبا. في تشرين الاول/أكتوبر 1962، بعد انشاء الموقع والكشف عنه، دفع هذا الامر القوتين العظميين إلى السير على شفا المواجهة النووية.
ورغم أن فترة الحرب الباردة زالت وتم نسيانها، الآن ايضا الحديث يدور عن علاقة معقدة بين واشنطن وموسكو، لا سيما على خلفية الظل الثقيل لتدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية للرئاسة، الذي ما زال يؤثر على الساحة السياسية في أمريكا. على خلفية ذلك، كانت لقمة هامبورغ أول أمس أهمية خاصة في كل ما يتعلق ببلورة معايير سلوكية وقوانين تصرف جديدة، خاصة من قبل موسكو، الامر الذي يُمكن من فتح صفحة جديدة والتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا بعد سنوات من المد والجزر في الفترة الاخيرة.
من هذه الناحية الانطباع الأولي من اللقاء المستمر بين الرئيسين يشير إلى أن «سيناريو فيينا» لن يتكرر. رغم أنه في هذه المرة ايضا، مثلما حدث قبل 56 سنة، يقف الرئيس الأمريكي بدون تجربة وبدون خلفية سياسية أمام رئيس روسي مخادع، والنقاش بينهما لم يركز مثلما حدث في قمة فيينا على ايصال رسائل ردع عمومية من قبل ترامب، بل جهود لاقامة اجهزة رقابة محددة تضمن العمل المشترك لتحقيق الهدوء أو على الاقل الاستقرار النسبي في مناطق القتال والمواجهة، خاصة تجاه اتفاق وقف اطلاق النار في جنوب غرب سوريا، الذي سيدخل إلى حيز التنفيذ اليوم. وتقييد حرية عمل سلاح الجو السوري وايجاد مناطق آمنة. وفي نفس الوقت ابعاد إيران عن المناطق المحاذية لإسرائيل والاردن.
الحديث لا يدور فقط عن اتفاق موضعي بخصوص جزء من الموضوع السوري المنقسم والدامي، بل ايضا عن بلورة نموذج جديد للعمل الأمريكي الروسي في قضايا اخرى. وهذا بروح «خطوة تلو خطوة» التي أيدها هنري كيسنجر، وليس الطموح إلى التوصل إلى خل شامل بخطوة واحدة. هكذا ولد في هامبورغ أساس نظام جديد بين واشنطن وموسكو. وفي جميع الحالات، من الواضح منذ الآن أن الشائعات حول تبني خط أمريكي متسامح تجاه موسكو، كانت سابقة لأوانها، وهذا على خلفية الصيغة الجديدة التي تعتمد على مبدأ التبادلية.
إسرائيل اليوم